وتوضيح ذلك أن الإنسان الذي يقول شيئا لم يقرر إنجازه منذ البداية هو على شعبة من النفاق، أما إذا قرر القيام بعمل ما، ولكنه ندم فيما بعد فهذا دليل ضعف الإرادة.
وعلى كل حال، فمفهوم الآية يشمل كل تخلف عن عمد، سواء تعلق بنقض العهود والوعود أو غير ذلك من الشؤون، حتى أن البعض قال: إنها تشمل حتى النذور.
ونقرأ في رسالة الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر أنه قال: " إياك.. أن تعدهم فتتبع موعدك بخلفك.. والخلف يوجب المقت عند الله والناس، قال الله تعالى:
كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " (1).
كما نقرأ في حديث عن الإمام الصادق أنه (عليه السلام) قال: " عدة المؤمن أخاه نذر لا كفارة فيه، فمن أخلف فبخلف الله بدأ، ولمقته تعرض، وذلك قوله: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون " (2).
ثم تطرح الآية اللاحقة مسألة مهمة للغاية في التشريع الإسلامي، وهي موضوع الجهاد في سبيل الله، حيث يقول تعالى: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص (3).
ونلاحظ هنا أن التأكيد ليس على القتال فحسب، بل على أن يكون " في سبيله " تعالى وحده، ويتجسد فيه - كذلك - الاتحاد والانسجام التام والتجانس والوحدة، كالبنيان المرصوص.
" صف " في الأصل لها معنى مصدري بمعنى (جعل شئ ما في خط مستو) إلا أنها هنا لها معنى (اسم فاعل).