سبحانه بقوله: ومن يفعله منكم فقد ضل سواء السبيل.
فمن جهة انحرف عن معرفة الله تعالى بظنه أن الله لا يعلم ولا يرى ما يصنع، وكذلك انحرف عن طريق الإيمان والإخلاص والتقوى، حينما يعقد الولاء وتقام أواصر المودة مع أعداء الله، وبالإضافة إلى ذلك فإنه وجه ضربة قاصمة إلى حياته حينما أفشى أسرار المسلمين إلى الأعداء، ويمثل ذلك أقبح الأعمال وأسوأ الممارسات حينما يسقط الشخص المؤمن بهذا الوحل ويقوم بمثل هذه الأعمال المنحرفة بعد بلوغه مرتبة الإيمان والقداسة.
وفي الآية اللاحقة يضيف سبحانه للتوضيح والتأكيد الشديد في تجنب موالاتهم: إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء (1).
أنتم تكنون لهم الود في الوقت الذي يضمرون لكم حقدا وعداوة عميقة ومتأصلة، وإذا ما ظفروا بكم فإنهم لن يتوانوا عن القيام بأي عمل ضدكم، وينتقمون منكم ويؤذونكم بأيديهم وبألسنتهم وبمختلف وسائل المكر والغدر فكيف - إذن - تتألمون وتحزنون على فقدانهم مصالحهم؟
والأدهى من ذلك هو سعيهم الحثيث في ردكم عن دينكم وإسلامكم، والعمل على تجريدكم من أعظم مكسب وأكبر مفخرة لكم، وهي حقيقة الإيمان وودوا لو تكفرون وهذه أوجع ضربة وأعظم مأساة وأكبر داهية يريدون إلحاقها بكم.
وفي آخر آية من هذه الآيات يستعرض سبحانه الجواب على " حاطب بن أبي بلتعة " ومن يسايره في منهجه من الأشخاص، حينما قال في جوابه لرسول الله عن السبب الذي حدا به إلى إفشاء أسرار المسلمين لمشركي مكة، حيث قال