ومنعوا من النجوى التي تولد سوء الظن عند الآخرين وتسبب لهم القلق، إلا أنهم لم يعيروا أي اهتمام لمثل هذا التحذير، والأدهى من ذلك أن نجواهم كانت تدور حول ارتكاب الذنوب ومخالفة أوامر الله ورسوله.
والفرق بين " الإثم " و " العصيان " و " معصية الرسول "، هو أن " الإثم " يشمل الذنوب التي لها جانب فردي كشرب الخمر، أما " العدوان " فإنها تعني التجاوز على حقوق الآخرين، وأما " معصية الرسول " فإنها ترتبط بالأمور والتعليمات التي تصدر من شخص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) باعتباره رئيسا للدولة الإسلامية، ويتصدى لمصالح المجتمع الإسلامي. وبناء على هذا فإنهم يطرحون في نجواهم كل عمل مخالف، وهو أعم من الأعمال التي تكون مرتبطة بهم أو بالآخرين أو الحكومة الإسلامية وشخص الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم).
والتعبير ب (يعودون) و (يتناجون) جاء هنا بصيغة مضارع، حيث يوضح لنا أن هذا العمل يتكرر باستمرار، وقصدهم به إزعاج المؤمنين.
وعلى كل حال، فالآية جاءت بعنوان إخبار غيبي يكشف مخالفاتهم ويظهر خطهم المنحرف.
واستمرارا لهذا الحديث فإن القرآن الكريم يشير إلى مورد آخر من أعمال التجاوز والمخالفة للمنافقين واليهود، حيث يقول تعالى: وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله.
" حيوك " من مادة (تحية) مأخوذة في الأصل من الحياة بمعنى الدعاء بالسلام والحياة الأخرى، والمقصود بالتحية الإلهية في هذه الآية هو: (السلام عليكم) أو (سلام الله عليك) والتي وردت نماذج منها في الآيات القرآنية عن الأنبياء وأصحاب الجنة، ومن جملتها قوله تعالى: سلام على المرسلين (1).