3 العدل حتى مع الأعداء:
من خلال استعراضنا الآيات الكريمة أعلاه نلاحظ عمق الدقة وروعة الظرافة واللطف في طبيعة الأحكام التي وردت فيها، موضحة إلى أي حد يهتم الإسلام بأصل العدالة والقسط في تشريع أحكامه حتى في أحرج الظروف وأصعبها، لأنه يسعى لتعميم الخير وإبعاد الأذى والضرر حتى عن الكفار.
في الوقت الذي نلاحظ أن العرف العام في حياتنا العملية يتعامل في الظروف والأوقات العصيبة بخصوصية معينة واستثناء خاص ويتخلى عن الكثير من قيم الحق والعدل ويدعي أن لامكان لإحقاق الحق فيها.. في حين تؤكد التشريعات الإلهية على تحمل كل صعوبة حتى في أدق الظروف وأشدها ضيقا منعا لهدر أي حق، لا للقريبين فقط. بل حتى للأعداء، إذ يجب أن يحافظ على حقوقهم وترعى حرماتهم.
إن مثل هذه الأحكام الإسلامية هي في الحقيقة نوع من الإعجاز، ودليل على حقانية دعوة الرسول الأعظم حيث السعي بمنتهى الجهد لإقامة العدل حتى في أسوأ حالات الانتهاك للحرمات الإسلامية في مجال النفس والمال كما كان عليه فعل المجتمع الجاهلي.
* * *