في جميع ممارساتهم.
وهنا قد يتبادر سؤال وهو: إن الحصول على غنائم بني النضير لم يتم بدون حرب، بل إن المسلمين زحفوا بجيشهم نحو قلاعهم وحاصروها، وقيل أن اشتباكا مسلحا قد حصل في حدود ضيقة بين الطرفين.
وفي مقام الجواب نقول: بأن قلاع بني النضير - كما ذكروا - لم تكن بعيدة عن المدينة، وذكر بعض المفسرين أن المسافة بين المدينة والقلاع ميلان وأن المسلمين ذهبوا إليها سيرا على أقدامهم، وبناء على هذا فلم يواجهوا مشقة حقيقية. أما بالنسبة لموضوع الاشتباك المسلح فإنه لم يثبت من الناحية التأريخية، كما أن الحصار لم يستمر طويلا، وبناء على هذا فإننا نستطيع القول بأنه لم يحدث شئ يمكن أن نسميه قتالا، ولم يرق دم على الأرض.
والآية اللاحقة تبين بوضوح مورد صرف (الفئ) الوارد في الآية السابقة وتقول بشكل قاعدة كلية: وما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
وهذا يعني أن هذه الغنائم ليست كباقي الغنائم الحربية التي يكون خمس منها فقط تحت تصرف الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر المحتاجين، والأربعة الأخماس الأخرى للمقاتلين.
وإذا ما صرحت الآية السابقة برجوع جميع الغنائم لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلا يفهم من ذلك أن يصرفها جميعا في موارده الشخصية، وإنما أعطيت له لكونه رئيسا للدولة الإسلامية، وخاصة كونه المتصدي لتغطية حاجات المعوزين، لذا فإن القسم الأكبر يصرف في هذا المجال.
وقد ذكر في هذه الآية بصورة عامة ست مصارف للفئ.
1 - سهم لله، ومن البديهي أن الله تعالى مالك كل شئ، وفي نفس الوقت غير محتاج لأي شئ، وهذا نوع من النسبة التشريفية، حتى لا يحس بقية الأصناف