مددا وتوفيقا من الله تعالى، والآخر نتيجة العمل الخالص له سبحانه...
وفي بيان القسم الأول والثاني يقول تعالى: أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه.
ومن الطبيعي أن هذا الإمداد واللطف الإلهي لا يتنافى أبدا مع أصل حرية الإرادة واختيار الإنسان، لأن الخطوات الأولى في ترك أعداء الله قد قررها المؤمنون إبتداء، ثم جاء الإمداد الإلهي بصورة استقرار الإيمان حيث عبر عنه ب (كتب).
هل هذه الروح الإلهية التي يؤيد الله سبحانه المؤمنين بها هي تقوية الأسس الإيمانية، أو أنها الدلائل العقلية، أو القرآن، أو أنها ملك إلهي عظيم يسمى بالروح؟
ذكرت لذلك إحتمالات وتفاسير مختلفة، إلا أنه يمكن الجمع بينهما، وخلاصة الأمر أن هذه الروح نوع من الحياة المعنوية الجديدة التي أفاضها الله تعالى على المؤمنين.
ويقول تعالى في ثالث مرحلة: ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها.
ويضيف في رابع مرحلة لهم: رضي الله عنهم ورضوا عنه.
إن أعظم ثواب معنوي وجزاء روحاني لأصحاب الجنة في مقابل النعم المادية العظيمة في القيامة من جنان وحور وقصور هو شعورهم وإحساسهم أن الله راض عنهم وأن رضي مولاهم ومعبودهم يعني أنهم مقبولون عنده، وفي كنف حمايته وأمنه، حيث يجلسهم على بساط قربه، وهذا أعظم إحساس ينتابهم، ونتيجته رضاهم الكامل عن الله سبحانه.
نعم، لا تصل أي نعمة إلى هذا الرضا ذي الجانبين المادي والمعنوي، والذي هو مفتاح للهبات والعطايا الإلهية الأخرى، لأنه سبحانه عندما يرضى عن عبد فإنه يعطيه ما يطلب منه، فهو القادر والكريم.