الأمر الثاني: الذي يتبين لنا من خلال التدقيق في هذا النظام، هو إدراك طبيعة الانسجام العظيم بين مختلف جوانب الوجود، بالإضافة إلى خلوه من كل نقص وعيب وخلل.
وإذا ما لوحظ في النظرة الأولية لبعض الظواهر الموجودة في هذا العالم (كالزلازل والسيول، والأمراض، والكوارث الطبيعية الأخرى، والتي تصيب البشر أحيانا في حياتهم) واعتبرت شرورا وآفات وفسادا، فإنه من خلال الدراسات والتدقيقات المتأملة يتبين لنا أن هذه الأمور هي الأخرى تمثل أسرارا أساسية غاية في الدقة (1).
إن لهذه الآيات دلالة واضحة على دقة النظام الكوني، حيث معناها أن وجود النظام في كل شئ دليل على وجود العلم والقدرة على خلق ذلك الشئ، وإلا، فإن حصول حوادث عشوائية غير محسوبة لا يمكن أبدا أن تكون منطلقا للنظام ومبدأ للحساب.
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث مفضل المعروف عنه " إن الإهمال لا يأتي بالصواب، والتضاد لا يأتي بالنظام " (2).
ثم تتناول الآية التالية صفحة السماء التي يتجسد فيها الجمال والروعة، حيث النجوم المتلألئة في جو السماء، المشعة بضوئها الساحر في جمال ولطافة، حيث يقول سبحانه: ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين وأعتدنا لهم عذاب السعير.
إن نظرة متأملة في ليلة مظلمة خالية من الغيوم إلى جو السماء الملئ بالنجوم كاف لإثارة الانتباه فينا إلى تلك العوالم العظيمة، وخاصة طبيعة النظم