والتفسير الأول هو الأكثر شهرة، والمناسب أكثر من بعض الجهات.
وعلى كل حال، فالمستفاد من الآية أعلاه إجمالا هو أن الرهبانية لم تكن في شريعة السيد المسيح (عليه السلام)، وأن أصحابه ابتدعوها من بعده، وكان ينظر إليها في البداية على أنها نوع من أنواع الزهد والإبداعات الخيرة لكثير من السنن الحسنة التي تشيع بين الناس. ولا تتخذ عنوان التشريع أو الدستور الشرعي، إلا أن هذه السنة تعرضت إلى الانحراف - فيما بعد - وتحريف التعاليم الإلهية، بل اقترنت بممارسات قبيحة على مر الزمن.
والتعبير القرآني بجملة: فما رعوها حق رعايتها دليل على أنه لو أعطي حقها لكانت سنة حسنة.
وما ورد في الآية التالية التي تتحدث عن الرهبان والقساوسة يتناول هذا المعنى حيث يقول تعالى: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا، الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون (1) (يرجى ملاحظة ذلك).
وهكذا يتبين أن كلمة " الرهبانية " كلما كانت بمعنى الرأفة والرحمة فإنها تشكل دليل إضافيا على صحة الادعاء أعلاه، لأنها ستكون بمعنى مستوى الرأفة والرحمة التي وضعها الله في قلوبهم بعنوان أنها صفة حميدة.
ومختصر الكلام هو: إذا وجدت سنة حسنة بين الناس تكون أصولها الكلية وخطوطها العريضة في دائرة المبدأ الحق (كالزهد، مثلا، فإن ذلك ليس عملا