" مغرم " من مادة (غرامة) وهي ما يصيب الإنسان من ضرر دون أن يرتكب جناية، و (مثقل) من مادة (ثقل) بمعنى الثقل، وبهذا فإن الله تعالى أسقط حجة أخرى مما يتذرع به المعاندون.
وقد وردت الآية أعلاه وما بعدها (نصا) في سورة الطور (آية 40 - 41).
ثم يضيف واستمرارا للحوار بقوله تعالى: أم عندهم الغيب فهم يكتبون.
حيث يمكن أن يدعي هؤلاء بأن لهم ارتباطا بالله سبحانه عن طريق الكهنة، أو أنهم يتلقون أسرار الغيب عن هذا الطريق فيكتبونها ويتداولونها، وبذلك كانوا في الموقع المتميز على المسلمين، أو على الأقل يتساوون معهم.
ومن المسلم به أنه لا دليل على هذا الادعاء أيضا، إضافة إلى أن لهذه الجملة معنى (الاستفهام الإنكاري)، ولذا فمن المستبعد ما ذهب إليه البعض من أن المقصود من الغيب هو (اللوح المحفوظ)، والمقصود من الكتابة هو القضاء والقدر، وذلك لأنهم لم يدعوا أبدا أن القضاء والقدر واللوح المحفوظ في أيديهم.
ولأن العناد واللا منطقية التي كان عليها أعداء الإسلام تؤلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتدفعه إلى أن يدعو الله عليهم، لذا فإنه تعالى أراد أن يخفف شيئا من آلام رسوله الكريم، فطلب منه الصبر وذلك قوله تعالى: فاصبر لحكم ربك.
أي انتظر حتى يهئ الله لك ولأعوانك أسباب النصر، ويكسر شوكة أعدائك، فلا تستعجل بعذابهم أبدا، واعلم بأن الله ممهلهم وغير مهملهم، وما المهلة المعطاة لهم إلا نوع من عذاب الاستدراج.
وبناء على هذا فإن المقصود من (حكم ربك) هو حكم الله المقرر الأكيد حول انتصار المسلمين.
وقيل أن المقصود منها هو: أن تستقيم وتصبر في طريق إبلاغ أحكام الله تعالى.