جسمي نسبي ".
ثم بعد أن يأمر الله سبحانه - بصراحة - في مطلع الآية بأن تعطى للنساء مهورهن كاملة ودون نقصان حفظا لحقوقهن، يعمد في ذيل هذه الآية إلى بيان ما من شأنه احترام مشاعر كلا الطرفين، ومن شأنه تقوية أواصر الود والمحبة والعلاقة القلبية، وكسب العواطف إذ يقول: فإن طبن لكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا أي لو تنازلت الزوجة عن شئ من المهر ووهبته للزوج عن طيب نفسها جاز للزوج أكل الموهوب له، وإنما أقر الإسلام هذا المبدأ لكيلا تكون البيئة العائلية والحياة الزوجية ميدانا لسلسلة من القوانين والمقررات الجافة، بل يكون مسرحا للتلاقي العاطفي الإنساني، وتسود في هذه الحياة المحبة جنبا إلى جنب مع المقررات والأحكام الحقوقية المذكورة.
3 الصداق دعامة اجتماعية للمرأة:
لما كانت المرأة - في العصر الجاهلي - لم تحظ بأية قيمة أو مكانة كان الرجل إذا تزوج امرأة ترك أمر صداقها - الذي هو حقها المسلم - إلى أوليائها، فكان أولياؤها يأخذون صداقها، ويعتبرونه حقا مسلما لهم لا لها، وربما جعلوا التزوج بامرأة صداقا لإمرأة أخرى، مثل أن يزوج الرجل أخته بشخص على أن يزوج ذلك الشخص أخته بذلك الرجل، وكان هذا هو صداق الزوجتين.
ولقد أبطل الإسلام كل هذه التقاليد والأعراف الظالمة، واعتبر الصداق حقا مسلما خاصا بالمرأة، وأوصى الرجال مرات عديدة وفي آيات الكتاب العزيز برعاية هذا الحق للمرأة.
على أنه ليس للصداق حد معين في الإسلام، فهو أمر يتبع إتفاق الزوجين، وإن تأكد في روايات كثيرة على التخفيف في المهور، ولكن هذا لا يكون حكما إلزاميا، بل هو أمر مستحب.