النفس لنقصان العقل في الأمور الدنيوية، والأخروية ".
ولكن من الواضح أن المراد من السفه في الآية الحاضرة هو عدم الرشد اللازم في الأمور الاقتصادية بحيث لا يستطيع الشخص من تدبير شؤونه الاقتصادية وإصلاح ماله على الوجه الصحيح، ولا يتمكن من ضمان منافعه في المبادلات والمعاملات المالية، أي أنه عرضة للغبن والضرر، ويدل على هذا المعنى ما جاء في الآية الثانية إذ يقول سبحانه: فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم.
وعلى هذا الأساس فإن الآية الحاضرة وإن كانت تبحث حول اليتامى، لكنها تتضمن حكما كليا وقانونا عاما لجميع الموارد، وهو أنه لا يجوز لأحد مطلقا أن يعطي أموال من يتولى أمره، أو ترتبط به حياته بنوع من الارتباط، إليه إذا كان سفيها غير رشيد، ولا فرق في هذا الحكم بين الأموال الخاصة والأموال العامة (وهي أموال الحكومة الإسلامية) ويشهد على هذا الموضوع - مضافا إلى سعة مفهوم الآية - وخاصة كلمة " السفيه " روايات منقولة عن أئمة الدين في هذا الصدد.
ففي رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) نقرأ أن شخصا يدعى إبراهيم بن عبد الحميد يقول: سألت أبا عبد الله عن قول الله: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم قال: " كل من يشرب المسكر فهو سفيه (1) فلا تعطوهم أموالكم ".
وفي رواية أخرى نجد النهي عن اختيار شارب الخمر لجعله أمينا على الأموال.
وخلاصة القول أننا نجد توصيف شارب الخمر بالسفه في أحاديث كثيرة وموارد متعددة، وهذا التعبير إنما هو لأن شارب الخمر فقد رأس ماله المادي ورأس ماله المعنوي، وأي سفيه أشد من أن يعطي الإنسان ماله، وعقله أيضا،