فإن فقدان أي فرد منهم يعتبر خسارة للجميع الإنساني الكبير، لأن هذا الفقدان يترك أثرا بمقدار ما كان لصاحبه من أثر في المجتمع، لذلك يشمل الضرر جميع أفراد المجتمع.
ومن جانب آخر فإن إحياء فرد من أفراد المجتمع، يكون - لنفس السبب الذي ذكرناه - بمثابة إحياء وإنقاذ جميع أفراد المجتمع، لأن لكل إنسان أثر بمقدار وجوده في بناء المجتمع الإنساني وفي مجال رفع احتياجاته، فيكون هذا الأثر قليلا بالنسبة للبعض وكثيرا بالنسبة للبعض الآخر.
وحين نقرأ في الروايات أن جزاء وعقاب قاتل النفس المحرمة، يكون كجزاء قاتل جميع أفراد البشر، إنما ذلك إشارة لهذا المعنى الذي ذكرناه، ولا يعني أن الناس متساوون مع بعضهم في كل الجهات، ولذلك نقرأ في تفسير هذه الروايات - أيضا - أن عقاب القاتل يتناسب مع عدد الأفراد الذين قتلهم تناسبا طريدا قلة وزيادة.
وتبين هذه الآية بجلاء أهمية حياة وموت الإنسان في نظر القرآن الكريم، وتتجلى عظمة هذه الآية أكثر حين نعلم أنها نزلت في محيط لم يكن يعير أي أهمية لدماء أفراد الإنسانية.
وتلفت الانتباه في هذا المجال روايات عديدة ذكرت أن هذه الآية مع أنها تتحدث - أو يشير ظاهرها - إلى الحياة والموت الماديين، إلا أن الأهم من ذلك هو الموت والحياة المعنويين، أي إضلال النفر أو إنقاذ من الضلال، وقد سأل شخص الإمام الصادق (عليه السلام) عن تفسير هذه الآية فأجابه (عليه السلام) قائلا: " من حرق أو غرق - ثم سكت (عليه السلام) - ثم قال: تأويلها الأعظم أن دعاها فاستجابت له ".
وفحوى قول الإمام الصادق (عليه السلام) في هذه الرواية هو الإنقاذ من الحريق أو الغرق ثم يستطرد الإمام (عليه السلام) - بعد سكوت - فيبين أن التأويل الأعظم لهذه الآية هو دعوة الغير إلى طريق الحق والخير أو الباطل والشر، وتحقق القبول من