ولمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنبوة، وقالوا: أنه لا يمكن استباحة دماء هؤلاء لمجرد عدم هجرتهم مع المسلمين: فنزلت هذه الآية الكريمة وهي تلوم الفئة الأخيرة على خطئها، وترشدها إلى طريق الحق الصواب (1).
2 التفسير استنادا إلى سبب النزول الذي ذكرناه، تتضح لنا الصلة الوثيقة بين هذه الآية والآيات التي تليها، وكذلك الآيات السابقة التي تناولت مواضيع وقضايا عن المنافقين.
فهذه الآية تخاطب في البداية المسلمين وتلومهم على انقسامهم إلى فئتين، كل فئة تحكم بما يحلو لها بشأن المنافقين، حيث تقول: فما لكم في المنافقين فئتين... (2) وتنهي المسلمين عن الاختلاف في أمر نفر أبوا أن يهاجروا معهم، وتعاونوا مع المشركين، وأحجموا عن مشاركة المجاهدين، فظهر بذلك نفاقهم، ودلت على ذلك أعمالهم، فلا يجوز للمسلمين أن ينخدعوا بتظاهر هؤلاء بالتوحيد والإيمان، كما لا يجوز لهم أن يشفعوا في هؤلاء، وقد أكدت الآية السابقة أن: من يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها.
وتبين الآية بعد ذلك: إن الله قد سلب من هؤلاء المنافقين كل فرصة للنجاح، وحرمهم من لطفه وعنايته بسبب ما اقترفوه وإن الله قد قلب تصورات هؤلاء بصورة تامة فأصبحوا كمن يقف على رأسه بدل رجليه:... والله أركسهم بما كسبوا... (3).