يسيئوا الظن بهذه الأحكام.
3 - أن يطبقوا تلك الأحكام - في مرحلة تنفيذها - تطبيقا كاملا ويسلموا أمام الحق تسليما مطلقا.
ومن الواضح أن القبول بأي دين وأحكامه في ما إذا كانت في مصلحة الإنسان وكانت مناسبة لمنافعه وتطلعاته، لا يمكن أن يكون دليلا على إيمانه بذلك الدين، بل يثبت ذلك إذا كانت تلك الأحكام في الاتجاه المتعاكس لمنافعه وتطلعاته ظاهرا، وإن كانت مطابقة للحق والعدل في الواقع، فإذا قبل بمثل هذه الأحكام وسلم لها تسليما كاملا كان ذلك دليلا على إيمانه ورسوخ اعتقاده.
فقد روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير هذه الآية: " لو أن قوما عبدوا الله وحده لا شريك له وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا البيت وصاموا شهر رمضان ثم قالوا لشئ صنعه الله وصنع رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم صنع هكذا وكذا، ولو صنع خلاف الذي صنع، أو وجدوا ذلك في قلوبهم لكانوا بذلك مشركين، ثم تلا هذه الآية (الحاضرة) ثم قال (عليه السلام): عليكم بالتسليم " (1).
ثم أنه يستفاد من الآية الحاضرة مطلبان مهمان - ضمنا:
1 - إن الآية إحدى الأدلة على عصمة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم)، لأن الأمر بالتسليم المطلق أمام جميع أحكامه وأوامره قولا وعملا، بل والتسليم القلبي والخضوع الباطني له أيضا دليل واضح على أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يخطئ في أحكامه وأقضيته وتعليماته، ولا يتعمد قول ما يخالف الحق فهو معصوم عن الخطأ، كما هو معصوم عن الذنب أيضا.
2 - إن الآية الحاضرة تبطل كل اجتهاد في مقابل النص الوارد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وتنفي شرعية كل رأي شخصي في الموارد التي وصلت إلينا فيها أحكام صريحة من جانب الله تعالى ونبيه (صلى الله عليه وآله وسلم).