لا يترك الجوع لنا مبيتا * لابد ان نموت أو نميتا قال: قد والله كانوا أشباعا ولكنهم من الخوف قالوا هذا، والقى الله في قلوبهم الرعب كما قال تبارك وتعالى " سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب " فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله عبأ (1) أصحابه وكان في عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله فرسان: فرس للزبير بن العوام وفرس للمقداد، وكان في عسكر أصحابه سبعون جملا يتعاقبون عليها، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي على جمل يتعاقبون عليه والجمل للمرثد، وكان في عسكر قريش أربعمأة فرس، فعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بين يديه، فقال: غضوا أبصاركم ولا تبدوهم بالقتال ولا يتكلمن أحد.
فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبو جهل: ما هم الا اكلة رأس ولو بعثنا إليهم عبيدنا لاخذوهم اخذا باليد، فقال عتبة: أترى لهم كمينا و مددا فبعثوا عمرو بن وهلب الجمحي وكان شجاعا فجال بفرسه حتى طاف على عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم صعد في الوادي وصوت ثم رجع إلى قريش فقال: ما لهم كمين ولا مدد، ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع (2) أما ترونهم خرساء لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الأفعى (3) ما لهم ملجأ الا سيوفهم وما أراهم يولون حتى يقتلون، ولا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتأوا رأيكم؟ فقال أبو جهل: كذبت وجبنت وانتفخ سحرك (4) حين نظرت إلى سيوف أهل يثرب وفزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حين نظروا إلى كثرة قريش وقوتهم، وانزل الله عز وجل على رسوله: " وان جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله " وقد علم الله عز وجل انهم لا يجنحون ولا يجيبوا إلى السلم وانما أراد بذلك ليطيب قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فبعث رسول الله إلى قريش، فقال: يا معشر قريش ما أجد من العرب أبغض إلي من أن أبدأ بكم فخلوني