لموسى عليه السلام قصه الحوت عند الصخرة، لما جاوزها موسى، ولما ناله النصب الذي أشكاه، ولم يلق في سفره النصب إلا يومئذ، * (واتخذ سبيله في البحر عجبا) * أي:
سبيلا عجبا، وهو أن الماء انجاب عنه، وبقي كالكوة لم يلتئم. وقيل: إن كلام يوشع قد انقطع عند قوله * (واتخذ سبيله في البحر) * فقال موسى عند ذلك: عجبا كيف كان ذاك. وقيل: إن معناه واتخذ موسى سبيل الحوت في البحر عجبا، عن ابن عباس. والمعنى: دخل موسى الكوة على أثر الحوت، فإذا هو بالخضر * (قال ذلك ما كنا نبغ) * قال موسى عليه السلام: ذلك ما كنا نطلب من العلامة * (فارتدا على آثارهما) * أي: رجعا وعادا عودهما على بدئهما في الطريق الذي جاءا منه، يقصان آثارهما * (قصصا) * أي: ويتبعانها، ويوشع أمام موسى عليه السلام، حتى انتهيا إلى مدخل الحوت.
القصة: سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أخبرني أبي بن كعب قال:
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إن موسى قام خطيبا في بني إسرائيل، فسئل أي الناس أعلم؟ قال: أنا. فعتب الله عليه إذا لم يرد العلم إليه، فأوحى الله إليه: إن لي عبدا بمجمع البحرين، هو أعلم منك! قال موسى: يا رب! فكيف لي به؟ قال:
تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل (1). ثم انطلق، وانطلق معه فتاه يوشع بن نون، حتى إذا أتيا الصخرة، وضعا رؤوسهما فناما. واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه، فسقط في البحر، واتخذ سبيله في البحر سربا، وأمسك الله عن الحوت جرية الماء، فصار عليه مثل الطاق. فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت، فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، حتى إذا كان من الغد، قال موسى لفتاه: * (آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) * قال: ولم يجد موسى النصب، حتى جاوز المكان الذي أمر الله تعالى به. فقال فتاه * (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة) * الآية. قال: وكان للحوت سربا، ولموسى ولفتاه عجبا. فقال موسى: * (ذلك ما كنا نبغ) * الآية.
قال: رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة، فوجدا رجلا مسجى بثوب، فسلم عليه موسى، فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟ قال: أنا موسى.
قال: موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا. قال: * (إنك لن تستطيع معي صبرا) * يا موسى، إني على علم من علم الله لا تعلمه، علمنيه،