كعب: هو طنجة، وروي عنه أفريقية. وكان وعد أن يلقى عنده الخضر * (أو أمضي حقبا) * أي: دهرا، عن ابن عباس. وقيل: سبعين سنة، عن مجاهد. وقيل:
ثمانين سنة، عن عبد الله بن عمر * (فلما بلغا مجمع بينهما) * أي: فلما بلغا الموضع الذي يجتمع فيه رأس البحرين * (نسيا حوتهما) * أي: تركاه. وقيل: إنه ضل الحوت عنهما، حين اتخذ سبيله في البحر سربا، فسمي ضلاله عنهما نسيانا منهما له.
وقيل: إنه من النسيان، والناسي له كان أحدهما، وهو يوشع، فأضيف النسيان إليهما، كما يقال: نسي القوم زادهم: إذا نسيه متعهد أمرهم. وقيل: إن النسيان وجد منهما جميعا، فإن يوشع نسي أن يحمل الحوت، أو أن يذكر موسى ما قد رأى من أمره، ونسي موسى أن يأمره فيه بشئ، فصار كل واحد منهما ناسيا لغيره، ما نسيه الآخر. وقوله: * (فاتخذ سبيله في البحر سربا) * أي: فاتخذ الحوت طريقه في البحر مسلكا يذهب فيه، وذلك أن موسى وفتاه، تزودا حوتا مملوحا، عن ابن عباس. وقيل: حوتا طريا، عن الحسن. ثم انطلقا يمشيان على شاطئ البحر، حتى انتهيا إلى صخرة على ساحل البحر، فأويا إليها، وعنده عين ماء تسمى عين الحياة. فجلس يوشع بن نون، وتوضأ من تلك العين، فانتضح على الحوت شئ من ذلك الماء، فعاش ووثب في الماء، وجعل يضرب بذنبه الماء، فكان لا يسلك طريقا في البحر إلا صار الماء جامدا، فذلك معنى قوله: * (فاتخذ سبيله في البحر سربا) *.
* (فلما جاوزا) * ذلك المكان * (قال) * موسى * (لفتاه آتنا غداءنا) * قيل: إنهما انطلقا بقية يومهما وليلتهما، فلما كان من الغد، قال موسى ليوشع: آتنا غداءنا أي:
أعطنا ما نتغدى به، والغداء: طعام الغداة، والعشاء: طعام العشي. والإنسان إلى الغداء أشد حاجة منه إلى العشاء * (لقد لقينا مهن سفرنا هذا نصبا) * أي: تعبا وشدة.
قالوا: إن الله تعالى ألقى على موسى الجوع، ليتذكر حديث الحوت * (قال) * له يوشع عند ذلك * (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت) * ومعناه أن يوشع تذكر قصة الحوت، لما دعا موسى بالطعام ليأكل، فقال له: أرأيت حين رجعنا إلى الصخرة، ونزلنا هناك، فإني تركت الحوت وفقدته. وقيل: نسيته، ونسيت حديثه.
وقيل: فيه إضمار أي: نسيت أن أذكر لك أمر الحوت.
ثم اعتذر فقال: * (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) * وذلك أنه لو ذكر