فالتخفيف فيه مستمر.
اللغة: الإمر: الداهية العظيمة، قال الشاعر:
لقد لقي الأقران مني * نكرا داهية دهياء إذا إمرا (1) وهو مأخوذ من الأمر لأنه الفاسد الذي يحتاج أن يؤمر بتركه إلى الصلاح، ومنه رجل إمر: إذا كان ضعيف الرأي، لأنه يحتاج أن يؤمر حتى يقوى رأيه، ومنه أمر القوم أي: كثروا ومعناه احتاجوا إلى من يأمرهم وينهاهم، ومنه الأمر من الأمور أي:
الشئ الذي من شأنه أن يؤمر فيه.
الاعراب: قوله * (رشدا) * يجوز أن ينتصب على أنه مفعول له، ويكون المعنى:
هل أتبعك للرشد، أو لطلب الرشد على أن تعلمني، فيكون * (على أن تعلمني) * حالا من قوله * (أتبعك) *. ويجوز أن يكون قوله * (رشدا) * مفعولا به، وتقديره:
أتبعك على أن تعلمني رشدا مما علمته، ويكون العلم الذي يتعدى إلى مفعول واحد، فيتعدى بتضعيف العين إلى مفعولين. والمعنى: على أن تعلمني أمرا ذا رشد، وعلما ذا رشد، أو خبرا نصب على المصدر، والمعنى: لم يخبره خبرا.
المعنى: * (فوجدا عبدا من عبادنا) * أي: صادف موسى وفتاه، وأدركا عبدا من عبادنا، قائما على الصخرة يصلي، وهو الخضر عليه السلام، واسمه بليا بن ملكان. وإنما سمي خضرا لأنه إذا صلى في مكان، اخضر ما حوله. وروي مرفوعا أنه قعد على فروة بيضاء، فاهتزت تحته خضراء. وقيل: انه رآه على طنفسة خضراء، فسلم عليه، فقال: وعليك السلام يا نبي بني إسرائيل. فقال له موسى: وما أدراك من أنا؟ ومن أخبرك أني نبي؟ قال: من دلك علي. واختلف في هذا العبد، فقال بعضهم: إنه كان ملكا أمر الله تعالى موسى أن يأخذ عنه ما حمله إياه من علم بواطن الأشياء. وقال الأكثرون: إنه كان من البشر. ثم اختلفوا، فقال الجبائي وغيره: إنه كان نبيا لأنه لا يجوز أن يتبع النبي من ليس بنبي، ليتعلم منه العلم، لما في ذلك من الغضاضة على النبي. وكان ابن الأخشيد يجوز أن لا يكون نبيا، ويكون عبدا صالحا أودعه الله من علم باطن الأمور، ما لم يودعه غيره، وهذا ليس بالوجه.
ومتى قيل: كيف يكون نبي أعلم من موسى في وقته؟ قلنا: يجوز أن يكون