القراءة: قرأ حفص عن عاصم: * (لمهلكهم) * بفتح الميم وكسر اللام، وكذلك في النمل: * (وما شهدنا مهلك) *. وقرأ حماد، ويحيى، عن أبي بكر بفتح الميم واللام. وقرأ الأعشى، والبرجمي، عنه هاهنا بالضم، وهناك بالفتح. وقرأ الباقون: * (لمهلكهم) * و * (مهلك) * بضم الميم، وفتح اللام.
الحجة: من قرأ * (لمهلكهم) * فإن المهلك يجوز أن يكون مصدرا، ويجوز أن يكون وقتا، فيكون معناه لإهلاكهم، أو لوقت إهلاكهم. ومن قرأ * (لمهلكهم) *:
فالمراد لوقت هلاكهم. ومن قرأ بفتح الميم واللام فهو مصدر مثل الهلاك. وقد حكي أن تميما يقول: هلكني زيد. وعلى هذا حمل بعضهم قوله: (ومهمه هالك من تعرجا) (1) فقال: هو بمعنى مهلك، فيكون هالك مضافا إلى المفعول به، وإذا لم يكن بمعنى مهلك، يكون هالك مضافا إلى الفاعل، مثل حسن الوجه، وكذلك قوله * (لمهلكهم) * على قراءة حفص، أو * (لمهلكهم) * بفتح اللام والميم، فإنه مصدر فعلى، قول من عدى هلكت يكون مضافا إلى المفعول به، وعلى قول من لم يعده يكون مضافا إلى الفاعل.
الاعراب: * (تلك القرى) *: تلك رفع بالابتداء. و * (القرى) *: صفة لها مبينة لها. و * (أهلكناهم) *: في موضع رفع بأنه خبر المبتدأ ويجوز أن يكون موضع * (تلك القرى) * نصبا بفعل مضمر يكون * (أهلكناهم) * مفسرا لذلك الفعل، وتقديره: وأهلكنا تلك القرى أهلكناهم.
المعنى: ثم قال سبحانه: * (ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها) * معناه: ليس أحد أظلم لنفسه ممن ذكر أي: وعظ بالقرآن وآياته، ونبه على أدلة التوحيد، فأعرض عنها جانبا. * (ونسي ما قدمت يداه) * أي: نسي المعاصي التي استحق بها العقاب. وقيل: معناه تذكر واشتغل عنه استخفافا به، وقلة معرفة بعاقبته، لأنه نسي ذلك. ثم قال سبحانه: * (إنا جعلنا على قلوبهم أكنة) * وهي جمع كنان * (أن يفقهوه) * أي: كراهة أن يفقهوه، أو لئلا يفقهوه * (وفي آذانهم وقرا) * أي: