الخضر جدارهم المشرف على الانهدام، عجب موسى من ذلك، فقال: لو شئت لعملت هذا بأجر تأخذه منهم، حتى كنا نسد به جوعتنا. * (قال هذا فراق بيني وبينك) * معناه: هذا الكلام والإنكار على ترك الأجر هو المفرق بيننا. وقيل معناه:
هذا وقت فراق اتصالنا، وكرر بين تأكيدا، عن الزجاج. وقيل معناه: هذا الذي قلته سبب الفراق بيني وبينك. ثم قال له:
* (سأنبئك) * أي: سأخبرك * (بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا) * أي: بتفسير الأشياء التي لم تستطع على الإمساك عن السؤال عنها صبرا * (أما السفينة فكانت لمساكين) * معناه: أما السبب في خرقي السفينة، فهو أنها كانت لفقراء لا شئ لهم يكفيهم، قد سكنتهم قلة ذات أيديهم * (يعملون في البحر) * أي: يعملون بها في البحر، ويتعيشون بها * (فأردت أن أعيبها) * أي: أحدث فيها عيبا * (وكان وراءهم) * أي: وكان قدامهم * (ملك يأخذ كل سفينة) * صحيحة، أو غير معيبة * (غصبا) * عن قتادة، وابن عباس.
قال عباد بن صهيب: قدمت الكوفة لأسمع من إسماعيل بن أبي خالد، فمررت بشيخ جالس، فقلت: يا شيخ! كيف أمر إلى منزل إسماعيل بن أبي خالد؟ فقال لي: وراءك. فقلت: أرجع؟ فقال: أقول وراءك وترجع؟ فقلت: أليس ورائي خلفي؟ قال: لا. ثم قال: حدثني عكرمة، عن ابن عباس: وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا. قال: ولو كان وراءهم لكانوا قد جاوزوه، ولكن كان بين أيديهم. قال الخضر: إنما خرقتها لأن الملك إذا رآها منخرقة تركها، ورقعها أهلها بقطعة خشب فانتفعوا بها وقيل: يحتمل أن الملك كان خلفهم، وكان طريقهم في الرجوع عليه، ولم يعلم به أصحاب السفينة، وعلم به الخضر عليه السلام. * (وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين) * وروي عن أبي، وابن عباس: أنهما كانا يقرءآن: * (وأما الغلام فكان كافرا وأبواه مؤمنين) * وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام ومعناه: وأما الغلام الذي قتله، فإنما قتلته لأنه كان كافرا * (فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا) * أي:
فعلمنا أنه إن بقي يرهق أبويه أي: يغشيهما طغيانا وكفرا، وهو من كلام الله تعالى.
وقيل: معناه فخفنا أن يحمل أبويه على الطغيان والكفر، بأن يباشر ما لا يمكنهما منعه منه، فيحملهما على الذب عنه، والتعصب له، فيؤدي ذلك إلى أمور يكون مجاوزة للحد في العصيان والكفر، وهو من كلام الخضر، لأن الله تعالى لا يجوز