قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا (63) قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا (64)) *.
القراءة: قرأ حفص: * (ما أنسانيه) * بضم الهاء، وفي الفتح: * (بما عاهد عليه الله) * بضم الهاء. والباقون بكسر الهاء من غير بلوغ الياء، إلا ابن كثير فإنه يثبت الياء في الوصل. وقد تقدم القول في وجه ذلك.
اللغة: لا أبرح: أي لا أزال، ولو كان معناه لا أزول كان محالا، لأنه إذا لم يزل من مكانه، لم يقطع أرضا، قال الشاعر:
وأبرح ما أدام الله قومي، رخي البال منتطقا مجيدا (1) أي: لا أزال. والحقب: الدهر والزمان، وجمعه أحقاب. قال الزجاج:
والحقب ثمانون سنة. والسرب: المسلك والمذهب، ومعناه في اللغة: المحفور في الأرض، لا نفاذ له، ويقال للذاهب في الأرض: سارب، قال الشاعر:
أنى سربت، وكنت غير سروب، وتقرب الأحلام غير قريب (3) والنصب، والوصب، والتعب، نظائر: وهو الوهن الذي يكون على الكد.
الاعراب: * (سربا) *: منصوب على وجهين: أحدهما: أن يكون مفعولا ثانيا لأتخذ يقال اتخذت طريقي مكان كذا، واتخذت طريقي في السرب. والآخر: أن يكون مصدرا يدل عليه اتخذ سبيله في البحر، فكأنه قال فسرب الحوت سربا. وقوله * (أن اذكره) *: في موضع نصب بدل من الهاء في * (أنسانيه) *، والمعنى: وما أنساني أن أذكره إلا الشيطان. و * (عجبا) *: منصوب على وجهين: أحدهما: أن يكون على قول يوشع اتخذ الحوت سبيله في البحر عجبا والآخر: أن يكون قال يوشع واتخذ سبيله في البحر، فأجابه موسى عليه السلام فقال عجبا، فكأنه قال أعجب عجبا.