* (حتى إذا ركبا في السفينة خرقها) * ومعناه: إنهما أرادا أن يعبرا في البحر إلى أرض أخرى، فأتيا معبرا فعرف صاحب السفينة الخضر عليه السلام، فحملهما. فلما ركبا في السفينة خرق الخضر عليه السلام السفينة أي: شقها حتى دخلها الماء. وقيل: إنه قلع لوحين مما يلي الماء، فحشاهما موسى عليه السلام بثوبه و * (قال) * منكرا عليه * (أخرقتها لتغرق أهلها) * ولم يقل لنغرق، وإن كان في غرقها غرق جميعهم، لأنه أشفق على القوم أكثر من إشفاقه على نفسه، جريا على عادة الأنبياء. ثم قال بعد إنكاره ذلك:
* (لقد جئت شيئا إمرا) * أي: منكرا عظيما يقال أمر الأمر أمرا: إذا كبر. والإمر:
الاسم منه ف * (قال) * له الخضر: * (ألم أقل) * لك * (إنك لن تستطيع معي صبرا) * أي: ألم أقل حين رغبت في اتباعي، إن نفسك لا تطاوعك على الصبر معي، فتذكر موسى ما بذل له من الشرط ثم * (قال) * معتذرا مستقيلا * (لا تؤاخذني بما نسيت) * أي:
غفلت من التسليم لك، وترك الانكار عليك، وهو من النسيان الذي هو ضد الذكر وروي عن أبي بن كعب قال إنه لم ينس ولكنه من معاريض الكلام. وقيل: بما تركت من وصيتك وعهدك، عن ابن عباس. وعلى هذا فيكون من النسيان بمعنى الترك، لا بمعنى الغفلة والسهو.
* (ولا ترهقني من أمري عسرا) * أي: لا تكلفني مشقة تقول: أرهقته عسرا:
إذا كلفته ذاك. والمعنى عاملني باليسر، ولا تعاملني بالعسر، ولا تضيق علي الأمر في صحبتي إياك * (فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله) * ومعناه: فخرجا من البحر، وانطلقا يمشيان في البر، يعني موسى والخضر، ولم يذكر يوشع، لأنه كان تابعا لموسى، أو كان قد تأخر عنهما، وهو الأظهر، لاختصاص موسى بالنبوة، واجتماعه مع الخضر عليه السلام في البحر، فلقيا غلاما يلعب مع الصبيان، فذبحه بالسكين، عن سعيد بن جبير. وكان من أحسن أولئك الغلمان، وأصبحهم. وقيل: صرعه، ثم نزع رأسه من جسده. وقيل: ضربه برجله فقتله. وقال الأصم: كان شابا بالغا لأن غير البالغ لا يستحق القتل، وقد يسمى الرجل غلاما، قالت ليلى الأخيلية:
شفاها من العضال الذي بها غلام إذا هز القناة سقاها (1) * (قال أقتلت نفسا زكية) * أي: طاهرة من الذنوب، وزكية بريئة من الذنوب.