أنه سيدخل مكة، وهو بالمدينة، فقصدها فصده المشركون في الحديبية عن دخولها، حتى شك قوم، ودخلت عليهم الشبهة، فقالوا: يا رسول الله! أليس قد أخبرتنا أنا ندخل المسجد الحرام آمنين؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: أو قلت لكم إنكم تدخلونها العام؟
قالوا: لا. فقال: لندخلها إن شاء الله ورجع. ثم دخل مكة في العام القابل، فنزل * (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق) * وهو قول الجبائي، وأبي مسلم. وإنما كان فتنة وامتحانا وابتلاء لما ذكرناه وثالثها: إن ذلك رؤيا رآها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه ان قرودا تصعد منبره وتنزل، فساءه ذلك، واغتم به.
روى سهل بن سعيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى ذلك، وقال إنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يستجمع بعد ذلك ضاحكا حتى مات، وروى سعيد بن يسار أيضا، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام وقالوا على هذا التأويل: إن الشجرة الملعونة في القرآن هي بنو أمية، أخبره الله سبحانه بتغلبهم على أنامه، وقتلهم ذريته. روي عن المنهال بن عمرو قال: دخلت على علي بن الحسين عليه السلام فقلت له: كيف أصبحت يا بن رسول الله؟ فقال: أصبحنا والله بمنزلة بني إسرائيل من آل فرعون، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، وأصبح خير البرية بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، يلعن على المنابر، وأصبح من يحبنا منقوصا حقه بحبه إيانا. وقيل للحسن: يا أبا سعيد! قتل الحسين بن علي عليه السلام! فبكى حتى اختلج جنباه، ثم قال: واذلاه لأمة قتل ابن دعيها ابن بنت نبيها! وقيل: إن الشجرة الملعونة هي شجرة الزقوم، عن ابن عباس، والحسن. وقيل: الشجرة الملعونة هي اليهود، عن أبي مسلم، وتقدير الآية * (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك والشجرة الملعونة إلا فتنة للناس) * قالوا: وإنما سمى شجرة الزقوم فتنة، لأن المشركين قالوا: إن النار تحرق الشجرة، فكيف تنبت الشجرة في النار؟ وصدق بها المؤمنون.
وروي أن أبا جهل قال: إن محمدا يوعدكم بنار تحرق الحجارة، ثم يزعم أنه تنبت فيها الشجرة، وقوله * (في القرآن) * معناه التي ذكرت في القرآن * (ونخوفهم) * أي: نرهبهم بما نقص عليهم من هلاك الأمم الماضية. وقيل: بما نرسل من الآيات * (فما يزيدهم) * ذلك * (إلا طغيانا كبيرا) * أي: عتوا في الكفر عظيما، وتماديا في الغي كبيرا، لأنهم لا يرجعون عنه.