والتكبر. قال الزجاج: معناه لا تمش في الأرض مختالا فخورا. وقيل: المرح شدة الفرح بالباطل.
* (إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) * هذا مثل ضربه الله تعالى قال: إنك أيها الانسان لن تشق الأرض من تحت قدمك بكبرك، ولن تبلغ الجبال بتطاولك. والمعنى أنك لن تبلغ مما تريد كثير مبلغ، كما لا يمكنك أن تبلغ هذا.
فما وجه المنابزة على ما هذا سبيله، مع أن الحكمة زاجرة عنه. وإنما قال ذلك، لأن من الناس من يمشي في الأرض بطرا، يدق قدميه عليها، ليري بذلك قدرته وقوته، ويرفع رأسه وعنقه، فبين سبحانه أنه ضعيف مهين، لا يقدر أن يخرق الأرض بدق قدميه عليها، حتى ينتهي إلى آخرها، وإن طوله لا يبلغ طول الجبال، وإن كان طويلا. علم الله سبحانه عباده التواضع، والمروءة، والوقار.
* (كل ذلك) * إشارة إلى جميع ما تقدم ذكره مما نهى الله سبحانه عنه في هذه الآيات * (كان سيئه) * أي: معصيته * (عند ربك مكروها) * له سبحانه يكرهها، ولا يريدها، ولا يرضاها. وعلى القراءة الثانية، فيكون ذلك إشارة إلى جميع ما أمر به من المحسنات، ونهى عنه من المقبحات، أي: كان سئ ما سبق من هذه الأشياء، مكروها عند ربك. وفي هذا دلالة واضحة على بطلان قول المجبرة، فإنه سبحانه صرح بأنه يكره المعاصي والسيئات، وإذا كرهها فكيف يريدها، فإن من المحال أن يكون الشئ الواحد مرادا مكروها عنده * (ذلك) * الذي تقدم ذكره من الأوامر، والنواهي * (مما أوحى إليك ربك) * يا محمد * (من الحكمة) * المؤدية إلى المعرفة بالحسن، والقبح، والفرق بينهما * (ولا تجعل مع الله إلها آخر) * في إقرارك وقولك. والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمراد به غيره، ليكون أبلغ في الزجر، كقوله:
* (لئن أشركت ليحبطن عملك) *.
* (فتلقى) * أي: فتطرح بمعنى أنك إذا فعلت ذلك ألقيت وطرحت * (في جهنم ملوما) * يلومك الناس * (مدحورا) * أي: مطرودا، مبعدا عن رحمة الله تعالى.
* (أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا) *: هذا خطاب لمن جعل الملائكة بنات الله تعالى، ومعناه: أخلصكم الله سبحانه بالبنين، وخصكم بهم، واتخذ لنفسه الإناث، وجعل البنات مشتركة بينكم وبينه، واختصكم بالأرفع، وجعل لنفسه الأدون، تقول: أصفيت فلانا بالشئ: إذا آثرته به * (إنكم لتقولون قولا عظيما) *