وعشرون سنة، عن عبد الله بن أبي أوفى. وقيل: مائة سنة، عن محمد بن القسم المازني، وروي ذلك مرفوعا. وقيل: ثمانون سنة، عن الكلبي. وقيل: أربعون سنة، ورواه ابن سيرين مرفوعا * (وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا) * أي: كفى ربك عالما بذنوب خلقه * (بصيرا) * بها، يجازيهم عليها، ولا يفوته شئ منها.
ثم بين سبحانه أنه يدبر عباده بحسب ما يراه من المصلحة، فقال: * (من كان يريد العاجلة) * أي: النعم العاجلة، وهي الدنيا، فعبر عنها بصفتها * (عجلنا له فيها ما نشاء) * من البسط والتقتير. وعلق ذلك بمشيئته لا بمشيئة العبد، فقد يشاء العبد ما لا يشاؤه الله، فلا يعطيه لكونه مفسدة * (لمن نريد) * أي: لمن نريد إعطاءه. بين بذلك أنه ربما يكون حريصا يريد الدنيا، فلا يعطى، وإن أعطي أعطي قليلا * (ثم جعلنا له جهنم يصلاها) * أي يصير بصلاها، ويحترق بنارها * (مذموما) * ملوما * (مدحورا) * مبعدا من رحمة الله. وروي عن ابن عباس أن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، قال:
معنى الآية من كان يريد ثواب الدنيا بعمله الذي افترضه الله عليه، لا يريد به وجه الله والدار الآخرة، عجل له فيها ما يشاء الله من عرض الدنيا، وليس له ثواب في الآخرة، وذلك أن الله سبحانه وتعالى يؤتيه ذلك ليستعين به على الطاعة، فيستعمله في معصية الله، فيعاقبه الله عليه.
* (ومن أراد الآخرة) * أي: ومن أراد خير الآخرة، ونعيم الجنة * (وسعى لها سعيها وهو مؤمن) * أي: فعل الطاعات، وتجنب المعاصي، وهو مع ذلك مصدق بتوحيد الله، مقر بأنبيائه * (فأولئك كان سعيهم مشكورا) * أي: تكون طاعتهم مقبولة. وقيل: شكره أنه سبحانه يضاعف حسناتهم، ويتجاوز عن سيئاتهم، عن قتادة. والمعنى أنا أحللنا سعيهم محل ما يشكر عليه في حسن الجزاء. وروي عن الحسن أنه قال: اطلبوا الآخرة، فما رأيت طالبا لها إلا نالها، وربما نال الدنيا. وما رأيت طالب دنيا نال الآخرة، وربما لا ينال الدنيا أيضا * (كلا نمد هؤلاء وهؤلاء) * أي: كل واحد من هذين الفريقين ممن يريد الدنيا، وممن يريد الآخرة، نمدهم أي: نزيدهم. وقيل: كلا نعطي من الدنيا البر والفاجر، عن الحسن. والمعنى أنا نعطي المؤمن والكافر في الدنيا وأما الآخرة فللمتقين خاصة * (من عطاء ربك) * أي:
نعمة ربك، ورزقه * (وما كان عطاء ربك محظورا) * معناه: وما كان رزق ربك محبوسا عن الكافر لكفره، ولا عن الفاسق لفسقه.