القتل، ويكون مضمرا، وإن لم يجر له ذكر، لأن الحال تدل عليه. فإن قلت:
كيف يكون في القتل قصد بين شيئين حتى ينهى عن الإسراف فيه الذي هو ترك القصد؟ فالجواب: إنه لا يمتنع أن يكون فيه الإسراف، كما جاء في أموال اليتامى * (ولا تأكلوها إسرافا) *، ولم يجز أن يؤكل منه، لا على الإقتصاد، ولا على غيره لقوله * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) * الآية فكذلك لا يمتنع أن يقال للقاتل الأول لا يسرف في القتل، لأنه بقتله يكون مسرفا، ويكون الضمير على هذا في قوله * (إنه كان منصورا) * لقوله * (ومن قتل مظلوما) * تقديره: فلا يسرف القاتل المبتدئ بقتله في القتل، لأن من قتل مظلوما كان منصورا، بأن يقتص له وليه، أو السلطان، إن لم يكن له ولي غيره، فيكون هذا ردعا للقاتل عن القتل، كما أن قوله * (ولكم في القصاص حياة) * كذلك. فالولي إذا اقتص فإنما يقتص للمقتول، ومنه انتقل إلى الولي بدلالة أن المقتول لو أبرئ من السبب المؤدي إلى القتل، لم يكن للولي أن يقتص. ولو صالح الولي من العمد على مال كان للمقتول أن يؤدي منه دينه، ولا يمتنع أن يقال في المقتول منصور، لأنه قد جاء * (ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا) *.
والآخر: أن يكون في يسرف ضمير الولي أي: فلا يسرف الولي في القتل، وإسرافه فيه أن يقتل غير الذي قتل، أو يقتل أكثر من قاتل وليه، وكان مشركو العرب يفعلون ذلك. والتقدير: فلا يسرف الولي في القتل، إذ الولي كان منصورا بقتل قاتل وليه، والاقتصاص من القاتل. ومن قرأ: * (فلا تسرف) * بالتاء احتمل وجهين أيضا أحدهما: أن يكون المبتدئ القاتل ظلما، فقيل له: لا تسرف أيها الانسان فتقتل ظلما من ليس لك قتله. إن من قتل مظلوما كان منصورا بأخذ القصاص له والآخر:
أن يكون الخطاب للولي فيكون التقدير فلا تسرف أيها الولي في القتل، فتتعدى قاتل وليك إلى من لم يقتله، إن المقتول ظلما كان منصورا. وكل واحد من المقتول ظلما، ومن ولي المقتول، قد تقدم ذكره في قوله * (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا) * وإما القسطاس والقسطاس فهما لغتان مثل القرطاس والقرطاس، والضم أكثر.
المعنى: ثم عطف سبحانه على ما تقدم، فقال: * (ولا تقتلوا أولادكم) * أي:
بناتكم * (خشية إملاق) * أي: خوف فقر وعجز عن النفقة عليهن، ويحتمل أن يكون