عليه أجر، ولا حمد، فلذلك قال سبحانه * (بأحسن) *. فإن الطاعة أحسن من المباح. وهذا يدل على فساد قول من يقول إنه لا يكون حسن، أحسن من حسن.
* (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن) * هذا وعد من الله سبحانه أي.
من عمل عملا صالحا، سواء كان ذكرا أو أنثى، وهو مع ذلك مؤمن، مصدق بتوحيد الله، مقر بصدق أنبيائه. * (فلنحيينه حياة طيبة) * قيل فيه أقوال أحدها: إن الحياة الطيبة: الرزق الحلال، عن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وعطاء وثانيها: إنها القناعة والرضا بما قسم الله، عن الحسن، ووهب، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وثالثها: إنها الجنة، عن قتادة، ومجاهد، وابن زيد. قال الحسن: لا يطيب لأحد حياة إلا في الجنة. وقال ابن زيد: ألا ترى إلى قوله * (يا ليتني قدمت لحياتي) * ورابعها: إنها رزق يوم بيوم وخامسها: إنها حياة طيبة في القبر.
* (ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) * مر تفسيره، وإنما كرره تأكيدا * (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) * معناه: إذا أردت يا محمد قراءة القرآن، فاستعذ بالله من شر الشيطان المرجوم المطرود الملعون، وهذا كما يقال إذا أكلت فاغسل يديك، وإذا صليت فكبر، ومنه * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) *. والاستعاذة: استدفاع الأدنى بالأعلى على وجه الخضوع والتذلل، وتأويله: استعذ بالله من وسوسة الشيطان عند قراءتك، لتسلم في التلاوة من الزلل، وفي التأويل من الخطل، و الإستعاذة عند التلاوة مستحبة غير واجبة بلا خلاف، في الصلاة، وخارج الصلاة. وقد تقدم ذكر اختلاف القراء في لفظ الإستعاذة في أول الفاتحة.
* (إنه) * يعني الشيطان * (ليس له سلطان) * أي: تسلط وقدرة * (على الذين آمنوا) * بالله * (وعلى ربهم يتوكلون) * والمعنى أنه لا يقدر على أن يكرههم على الكفر والمعاصي. وقيل: معناه ليس له حجة على ما يدعوهم إليه من المعاصي، عن قتادة * (إنما سلطانه على الذين يتولونه) * معناه: إنما تسلطه على الذين يطيعونه، فيقبلون دعاءه، ويتبعون إغواءه * (والذين هم به) * أي: بسبب طاعته * (مشركون) * بالله.
وقيل: معناه والذين هم بالله مشركون أي: يشركون مع الله سبحانه غيره في العبادة، عن مجاهد.
النظم: اتصل قوله * (فإذا قرأت القرآن) * الآيات، بما قدمه سبحانه من الأمر