عذاب عظيم (106) ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة وأن الله لا يهدى القوم الكافرين (107) أولئك الذين طبع الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم وأولئك هم الغافلون (108) لا جرم أنهم في الآخرة هم الخاسرون (109) ثم إن ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم (110)) *.
القراءة: قرأ ابن عامر * (فتنوا) * بفتح الفاء، والتاء والباقون * (فتنوا) * بضم الفاء، وكسر التاء.
الحجة: قال أبو علي: حجة من قرأ * (فتنوا) * أن الآية في المستضعفين المقيمين الذين كانوا بمكة، وهم صهيب، وعمار، وبلال، فتنوا وحملوا على الإرتداد عن دينهم، فمنهم من أعطى التقية، وعمار منهم، فإنه ممن أظهر ذلك تقية، ثم هاجر. ومن قرأ * (فتنوا) * فيكون على معنى فتن نفسه بإظهار ما أظهر من التقية، فكأنه يحكي الحال التي كانوا عليها من إظهار ما أخذوا به من التقية، لأن الرخصة فيه لم تكن نزلت بعد وهي قوله * (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم) *، إلى قوله: * (إلا المستضعفين) *، وقوله: * (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) *.
الاعراب: قال الزجاج: قوله * (من كفر بالله) * في موضع رفع عل البدل من الكاذبين، وهو تفسير للكاذبين. ولا يجوز أن يكون رفعا بالابتداء، لأنه لا خبر هاهنا للابتداء، فإن قوله * (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) * ليس بكلام تام. وقوله: * (فعليهم غضب من الله) * خبر قوله * (من شرح بالكفر صدرا) * وقال الكوفيون: من كفر شرط، وجوابه يدل عليه جواب من شرح، فكأنه قيل: من كفر فعليه غضب من الله. وهذا كقوله من يأتنا فمن يحسن نكرمه، فجواب الأول محذوف. وقوله: * (إنهم في الآخرة هم الخاسرون) * يجوز أن يكون في موضع رفع على أن يكون قوله * (لا) * من * (لا جرم) *، ردا للكلام، والمعنى: وجب أنهم.