معناه وإذا نسخنا آية، وآتينا مكانها آية أخرى، إما نسخ الحكم والتلاوة، وإما نسخ الحكم مع بقاء التلاوة، * (والله أعلم بما ينزل) * معناه: والله أعلم بمصالح ما ينزل، فينزل كل وقت ما توجبه المصلحة، وقد تختلف المصالح باختلاف الأوقات، كما تختلف باختلاف الأجناس والصفات. * (قالوا إنما أنت مفتر) * أي: قال المشركون:
إنما أنت كاذب على الله. قال ابن عباس: كانوا يقولون يسخر محمد بأصحابه، يأمرهم اليوم بأمر، وغدا يأمرهم بأمر، وإنه لكاذب، يأتيهم بما يقول من عند نفسه * (بل أكثرهم لا يعلمون) * أي: لا يعلمون أنه من عند الله، أو لا يعلمون جواز النسخ، ولأي سبب ورد النسخ.
* (قل) * يا محمد * (نزله روح القدس) * أي: أنزل الناسخ جبرائيل عليه السلام * (من ربك بالحق) * أي: بالأمر الحق الصحيح الثابت * (ليثبت الذين آمنوا) * بما فيه من الحجج والآيات، فيزدادوا تصديقا ويقينا. ومعنى تثبيته: استدعاؤه لهم بألطافه، ومعونته إلى الثبات على الإيمان، والطاعة * (وهدى) * أي: وهو هدى، فيكون * (هدى) * خبر مبتدأ محذوف. * (وبشرى للمسلمين) * أي: بشارة لهم بالجنة والثواب * (ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر) * يقول سبحانه: إنا نعلم أن الكفار يقولون إن القرآن ليس من عند الله، و إنما يعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بشر. قال ابن عباس: قالت قريش: إنما يعلمه بلعام، وكان قينا بمكة، روميا نصرانيا، وقال الضحاك: أراد به سلمان الفارسي (ره)، قالوا: إنه يتعلم القصص منه. وقال مجاهد، وقتادة: أرادوا به عبدا لبني الحضرمي روميا، يقال له يعيش، أو عائش، صاحب كتاب، أسلم وحسن إسلامه. وقال عبد الله بن مسلم: كان غلامان في الجاهلية نصرانيان، من أهل عين التمر، اسم أحدهما يسار، واسم الآخر خير، كانا صيقلين يقرآن كتابا لهما بلسانهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربما مر بهما واستمع لقراءتهما، فقالوا: إنما يتعلم منهما.
ثم ألزمهم الله تعالى الحجة، وأكذبهم، بأن قال * (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي) * أي: لغة الذي يضيفون إليه التعليم، ويميلون إليه القول، أعجمية، ولم يقل عجمي، لأن العجمي: هو المنسوب إلى العجم، وإن كان فصيحا.
والأعجمي: هو الذي لا يفصح، وإن كان عربيا، ألا ترى أن سيبويه كان عجميا، وإن كان لسانه لسان اللغة العربية. وقيل: يلحدون إليه: يرمون إليه، ويزعمون أنه