بما يخفى مثله عن غيرها، عن الحسن. قال أبو عبيدة: الوحي في كلام العرب على وجوه، منها: وحي النبوة، ومنها: الإلهام، ومنها: الإشارة، ومنها: الكتاب، ومنها: الإسرار. فوحي النبوة في قوله: * (أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه) *. والإلهام في قوله: * (وأوحى ربك إلى النحل وأوحينا إلى أم موسى) * والإشارة في قوله:
* (فأوحى إليهم أن سبحوا) * قال مجاهد: معناه أشار إليهم، وقال الضحاك: كتب لهم. والإسرار في قوله: * (يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا) *.
وأصل الوحي عند العرب: أن يلقي الانسان إلى صاحبه شيئا بالاستتار والإخفاء. وأما ما روي عن ابن عباس أنه قال: لا وحي إلا القرآن، فإن المراد به أن القرآن هو الوحي الذي نزل به جبرائيل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، دون أن يكون أنكر ما قلناه. ويقال: أوحي له، وأوحي إليه، قال العجاج: (أوحي لها القرار فاستقرت) (1)، والمعنى أن الله تعالى ألهم النحل اتخاذ المنازل والمساكن، والأوكار، والبيوت في الجبال، والشجر، وغير ذلك، وتقديره * (أن اتخذي من الجبال بيوتا) * للعسل، ولا يقدر على مثلها أحد.
* (ومن الشجر ومما يعرشون) * أي: ومن الكرم لأنه الذي يعرش، ويتخذ منه العريش، وفيه لغتان: يعرشون ويعرشون بضم الراء وكسرها، وقد قرئ بهما.
وقيل: معنى يعرشون: يبنون. والعرش: سقف البيت، عن الكلبي. والمعنى ما يبني الناس لها من خلاياها التي تعسل فيها، ولولا إلهام الله إياها، ما كانت تأوي إلى ما بني لها من بيوتها، وإنما أتى بلفظ الأمر، وإن كانت النحل لا تعقل الأمر، ولا تكون مأمورة، لأنه لما أتى بلفظ الوحي، أجرى عليه لفظ الأمر اتساعا * (ثم كلي من كل الثمرات) * أي: من أنواع الثمرات من أي ثمرة شئت. * (فاسلكي سبل ربك) * أي: فأدخلي سبل ربك التي جعلها الله لك * (ذللا) * أي: مذللة موطأة للسلوك، واسعة، يمكن سلوكها، فيكون قوله * (ذللا) * صفة للسبل، وهي منصوبة على الحال، وهو قول مجاهد. وقيل: ذللا أي: مطيعة لله، منقادة، مسخرة، ويكون من صفة النحل، عن قتادة.
* (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه) * وهو العسل، فإن ألوانه مختلفة،