يجوز، لأن التكليف تفضل، فلا تجب تبقية، وهو قول أبي هاشم، وإليه ذهب المرتضى، قدس الله روحه. وقال آخرون: لا يجوز اخترامه، ويجب تبقيته، وهو قول البلخي، وأبي علي الجبائي، وان اختلفا في علته، فقال الجبائي: لأنه مفسدة. وقال البلخي: لأنه الأصلح. وإليه ذهب الشيخ المفيد أبو عبد الله. وقيل: إن معنى الآية لو يؤاخذهم بذنوبهم لحبس المطر عنهم، حتى تهلك كل دابة، عن السدي، وعكرمة.
(سؤال): متى قيل إن المكلف الظالم يستحق العقوبة بظلمه، فما بال الحيوانات تؤخذ بغير جرم؟ (فجوابه): ان العذاب للظالم عقوبة، ولغير الظالم عبرة ومحنة، فيكون كالأمراض النازلة بالأولياء، وغير المكلفين، فيعوضون عنها، وقيل:
معناه لو هلك الآباء بكفرهم، لم يوجد الأبناء. وقيل: انه إذا هلك الظلمة، ولم يبق مكلف، لا يبقى غيرهم من الحيوانات، لأنها إنما خلقت للمكلفين، فلا فائدة في بقائها بعدهم * (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) * قد سبق معناه فيما مضى. ثم حكى سبحانه عن الكفار، فقال: * (ويجعلون لله ما يكرهون) * يعني البنات أي: يحكمون لله بما يكرهونه لأنفسهم * (وتصف ألسنتهم الكذب) * أي:
وتخبر ألسنتهم بالكذب، وهو ما يقولون * (أن لهم الحسنى) * وهي البنون، عن مجاهد. وقيل: معناه تصفون أن لهم مع قبيح قولهم من الله الجزاء الحسن، والمثوبة الحسنى، وهي الجنة، عن الزجاج، وغيره. فإن المشركين كانوا يقولون:
إن كان ما يقوله محمد من أمر البعث والآخرة حقا، فنحن من أهل الجنة.
وروي عن معاذ أنه قرأ وتصف ألسنتهم الكذب بضم الذال والباء، فعلى هذا يكون الكذب وصفا للألسنة، جمع كاذب، أو كذوب. ثم رد سبحانه قولهم فقال:
* (لا جرم أن لهم النار) * أي: ليس الأمر على ما وصفوا جرم فعلهم وقولهم أي:
كسب أن لهم النار. والمفسرون يقولون معناه حقا إن لهم النار، أو لا بد أن لهم النار * (وأنهم مفرطون) * أي: مقدمون أي: معجلون إلى النار. ثم أقسم سبحانه، فقال: * (تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك) * يا محمد * (فزين لهم الشيطان أعمالهم) * أي: كفرهم، وضلالهم، وتكذيبهم الرسل * (فهو وليهم اليوم) * معناه: إن الشيطان وليهم اليوم في الدنيا، يتولونه ويتبعون إغوائه، فأما يوم القيامة فيتبرأ بعضهم من بعض، عن أبي مسلم وقيل: معناه فهو وليهم يوم القيامة أي: يكلهم الله تعالى