لله البنات، ويضيفون إليه البنات، وهو قولهم الملائكة بنات الله، كما قال سبحانه:
* (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) *. ثم نزه سبحانه نفسه عما قالوا، فقال: * (سبحانه) * أي تنزيها له عن اتخاذ البنات * (ولهم ما يشتهون) * أي: ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون، ويحبونه من البنين دون البنات. وعلى الوجه الآخر، ولهم ما يحبونه يعني البنين * (وإذا بشر أحدهم بالأنثى) * أي: وإذا بشر واحد منهم بأنه ولد له بنت * (ظل وجهه مسودا) * أي: صار لون وجهه متغيرا إلى السواد لما يظهر فيه من أثر الحزن والكراهة، فقد جعلوا لله ما يكرهونه لأنفسهم، وهذا غاية الجهل.
* (وهو كظيم) * أي: ممتلئ غيظا وحزنا * (يتوارى من القوم من سوء ما بشر به) * يعني أن هذا الذي بشر بالبنت، يستخفي من القوم الذين يستخبرونه عما ولد له، استنكافا منه، وخجلا وحياء من سوء ما بشر من الأنثى، وقبحه عنده * (أيمسكه على هون أم يدسه في التراب) * يعني: يميل نفسه، ويدبر في أمر البنت المولودة له، أيمسكه على ذل وهو أن، أم يخفيه في التراب ويدفنه حيا، وهو الوأد الذي كان من عادة العرب، وهو أن أحدهم كان يحفر حفيرة صغيرة، وإذا ولد له أنثى، جعلها فيها، وحثا عليها التراب حتى تموت تحته. وكانوا يفعلون ذلك مخافة الفقر عليهن، فيطمع غير الأكفاء فيهن.
* (ألا ساء ما يحكمون) * أي: بئس الحكم ما يحكمونه وهو أن يجعلوا لنفوسهم ما يشتهون، ولله ما يكرهون. وقيل: معناه ساء ما يحكمونه في قتل البنات مع مساواتهن للبنين في حرمة الولادة، ولعل الجارية خير من الغلام. وروي عن ابن عباس أنه قال: لو أطاع الله الناس في الناس، لما كان الناس، لأنه ليس أحد إلا ويحب أن يولد ذكر، ولو كان الجميع ذكورا، لما كان لهم أولاد، فيفنى الناس. ثم قال سبحانه: * (للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى) * أي: لهؤلاء الكفار الذين وصف الله بالولد صفة السوء أي: الصفة القبيحة التي هي سواد الوجه، والحزن، ولله الصفة العليا من السلطان والقدرة. وقيل: له صفات النقص من الجهل، والكفر، والضلال، والعمى، وصفة الحدوث، والضعف، والعجز، والحاجة إلى الأبناء، وقتل البنات خوف الفقر، ولله صفات الإلهية، والاستغناء عن الصاحبة والولد، والربوبية، واخلاص التوحيد.
ويسأل فيقال: كيف يمكن الجمع بين قوله سبحانه وتعالى: * (ولله المثل