القبلة، كان الظلال قدامك. وإذا ارتفعت كان عن يمينك. فإذا كان بعد ذلك كان خلفك. فإذا كان قبل أن تغرب الشمس، كان عن يسارك. فهذا تفيؤه عن اليمين والشمائل عن الكلبي. ومعنى سجود الظل لله: دورانه من جانب إلى جانب، لأنه مستسلم منقاد مطيع للتسخير، وهذه الآية كقوله * (وظلالهم بالغدو والآصال) *. وقد مر تفسيره. وقيل: إن المراد بالظل هو الشخص بعينه، ويدل على ذلك قول علقمة:
لما نزلنا رفعنا ظل أخبية، * وفار للقوم باللحم المراجيل (1) ألا ترى أنهم لا ينصبون الظل، وإنما ينصبون الأخبية. ويقوي ذلك قول عمارة:
كأنهن الفتيات اللعس * كأن في أظلالهن الشمس (2) أي: في أشخاصهن. وقول الآخر:
يتبع أفياء الظلال عشية * على طرق كأنهن سيوف (3) أي: أفياء الشخوص. فعلى هذا يكون تأويل الظلال في الآية، تأويل الأجسام التي عنها الظلال * (وهم داخرون) * أي: أذلة صاغرون. قد نبه الله بهذا على أن جميع الأشياء تخضع له بما فيها من الدلالة على الحاجة إلى واضعها ومدبرها بما لولاه لبطلت، ولم يكن لها قوام طرفة عين، فهي في ذلك كالساجد من العباد بفعله، الخاضع بذله. ثم قال سبحانه * (ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة) * أي: يسجد لله جميع ما في السماوات، وجميع ما في الأرض. ومعنى * (من) * في قوله * (من دابة) * تبيين الصفة أي: الذي هو دابة تدب على وجه الأرض * (والملائكة) * أي: وتسجد له الملائكة، وتخضع له بالعبادة، وإنما خص الملائكة بالذكر، تشريفا لهم، ولأن اسم الدابة يقع على ما يدب ويمشي، وهم أولو الأجنحة، فصفة الطيران أغلب عليهم.
* (وهم لا يستكبرون) * عن عبادة الله تعالى. وهذا من صفة الملائكة لأنه قال