الرسل إلا البلاغ المبين (35) ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين (36) إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدى من يضل وما لهم من ناصرين (37)) *.
القراءة: قرأ أهل الكوفة: * (لا يهدي) * بفتح الياء. والباقون بضم الياء وفتح الدال. ولم يختلفوا في * (يضل) * أنها مضمومة الياء، مكسورة الضاد.
الحجة: قال أبو علي: الراجع على اسم أن، هو الذكر الذي في قوله * (يضل) * في قراءة من قرأ * (يهدي) *. ومن قرأ * (يهدي) *. فمن جعل يهدي من هديته، جاز أن يعود الذكر الفاعل الذي فيه إلى اسم ان. ومن جعل * (يهدي) * في معنى يهتدي، وجعل من يضل مرتفعا به، فالراجع إلى اسم أن الذكر الذي في * (يضل) * كما كان كذلك في قول من قال يهدي. والراجع إلى الموصول الذي هو من الهاء المحذوفة من الصلة، وتقديره يضله، والمعنى: ان من حكم باضلاله لكفره وتكذيبه، فلا يهدى، ومثل هذا المعنى قوله * (فمن يهديه من بعد الله) * تقديره من بعد إضلال الله إياه. والمفعول محذوف أي: من بعد حكمه باضلاله. ومن قرأ * (لا يهدي) *: فهو في المعنى كقوله * (من يضل الله فلا هادي له) *. وهذا كقوله: * (والله لا يهدي القوم الظالمين) *، وقوله: * (وما يضل به إلا الفاسقين) * فموضع من نصب بيهدي. وقد قيل: إن يهدي في معنى يهتدي بدلالة قوله * (لا يهدي إلا أن يهدى) * فموضع من على هذا رفع، كما أنه لو قال يهتدي كان كذلك. وقوله: * (لا يضل) * من قولك ضل الرجل وأضله الله أي: حكم باضلاله، كقولك كفر زيد وكفره الناس، أي: نسبوه إلى الكفر، فقالوا إنه كافر، كما إن أسقيته قلت له: سقاك الله قال ذو الرمة:
وأسقيه حتى كاد مما أبثه تكلمني أحجاره، وملاعبه (1)