تشكروا الله على نعمه ليزيدكم منها، ويثيبكم. والواو إنما دخلت في ذلك للدلالة على أن الله سبحانه أراد جميع ما ذكره إنعاما منه على عباده.
* (وألقى في الأرض رواسي) * أي: جبالا عالية ثابتة، واحدها راسية * (أن تميد بكم) * الأرض أي: كراهة أن تميد بكم، أو لئلا تميد بكم أي: تتحرك وتضطرب.
* (وأنهارا) * أي: وجعل فيها أنهارا * (وسبلا) * أي: طرقا لكي تجروا الماء في الأنهار إلى بساتينكم، وحيث تريدون، وتهتدوا بالطرق إلى حيث شئتم من البلاد. وقيل:
أراد بالأنهار النيل والفرات، ودجلة وسيحان وجيحان، وأمثالها * (لعلكم تهتدون) * قد ذكرنا معناه. وقيل: لتهتدوا بها إلى توحيد الله * (وعلامات) * وجعل لكم علامات أي: معالم تعلم بها الطرق. وقيل: العلامات الجبال يهتدى بها نهارا * (وبالنجم هم يهتدون) * ليلا، عن ابن عباس. والمراد بالنجم الجنس أي: جميع النجوم الثابتة.
وقيل: تم الكلام عند قوله * (وعلامات) *. ثم ابتدأ * (وبالنجم هم يهتدون) *. وقيل:
إن العلامات هي النجوم أيضا، لأن من النجوم ما يهتدى بها، ومنها ما يكون علامات لا يهتدى بها، عن قتادة، ومجاهد. وقيل: أراد به الاهتداء في القبلة.
قال ابن عباس: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عنه فقال: الجدي علامة قبلتكم.
وبه تهتدون في بركم وبحركم. وقال أبو عبد الله صلى الله عليه وآله وسلم: نحن العلامات، والنجم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: إن الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض. * (أفمن يخلق كمن لا يخلق) * معناه: أفمن يخلق هذه الأشياء في استحقاق العبادة والإلهية، كالأصنام التي لا تخلق شيئا حتى يسوى بينها في العبادة، وبين خالق جميع ذلك * (أفلا تذكرون) * أي: أفلا تتذكرون أيها المشركون، فتعتبرون وتعرفون أن ذلك من الخطأ الفاحش، وجعل * (من) * فيما لا يعقل لما اتصل بذكر الخلق.
ثم عطف سبحانه على ذلك تذكر كثرة نعمه، فقال: * (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) * معناه: وإن أردتم تعداد نعم الله سبحانه عليكم، ومعرفة تفاصيلها، لم يمكنكم إحصاؤها، ولا تعديدها، وإنما يمكنكم ان تعرفوا جملها، بين سبحانه أن من وراء النعم التي ذكرها نعما له لا تحصى * (إن الله لغفور) * لما حصل منكم من تقصير في شكر نعمه * (رحيم) * بكم لم يقطعها عنكم بتقصيركم في شكرها.