للعادة، وتكون من قدرة الله تبارك وتعالى فقط.
وأما عصر النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم فكان العرب في شبه الجزيرة العربية لا يعرفون شيئا من العلوم، وكانت معارفهم منحصرة في الأدب العربي والشعر الجاهلي، والبلاغة في الكلام. وقد تقدموا في هذا المجال تقدما باهرا، لذا اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون القران الكريم هو المعجز الأساس لرسالة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم. مع العلم أن الرسول كان أميا، لا يعرف القراءة والكتابة - حسب الظاهر - وما تعلمها عند أحد. ومع ذلك كله قد جاء بهذا الكتاب المقدس الذي تفوق على كل كتاب وتحدى كل البشر بأن يأتوا بآية مثله مهما كانت قدرتهم في الفصاحة والبلاغة: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القران لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) (1).
فالقرآن الكريم بحد ذاته معجزة من حيث انعدام قدرة البشر على الإتيان بمثله، ومعجزة بجمعه هكذا، وترتيبه من قبل بعض الصحابة، وعدم تحريفه وزيادته ونقصانه. قال الله تبارك وتعالى: (إن علينا جمعه وقرآنه)، وبقاءه بصورته كما كان ويكون، إلى يوم القيامة، وحفظه أيضا، فلم يتفق لأمر تاريخي أو كتاب سماوي مثل ما اتفق للقرآن الكريم، بالبقاء على صورته، وبدون أي تغيير، كما وعد الله تعالى في قوله في سورة الحجر: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
ونظرا لأهمية القرآن الكريم من جميع النواحي، فقد أخذ علماء الاسلام بالاهتمام به، وحفظه وتفسيره، بدءا بحبر الأمة عبد الله بن عباس، وإلى يومنا هذا، فقد ألف في تفسير القرآن وعلومه مئات التفاسير من قبل جميع العلماء والمذاهب الإسلامية، فبعض اهتم بتفسير القرآن من الوجهة الفلسفية، وبعض من الوجهة الأدبية، وقسم من الوجهة العلمية، وآخر فسر بعض آيات القرآن حسب الأحاديث الواردة فيه فقط.