والحسد مذموم. ويقال: حسدته على الشئ أحسده حسدا، وحسدته الشئ بمعنى واحد، ومنه قول الشاعر: (يحسد الناس الطعاما). والصفح، والعفو، والتجاوز عن الذنب بمعنى. ويقال لظاهر جلدة الانسان: صفحته، وكذا هو من كل شئ. ومنه صافحته أي: لقت صفحة كفه صفحة كفي.
وقولهم: صفحت عنه فيه قولان أحدهما: إن معناه أني لم آخذه بذنبه، وأبديت له مني صفحة جميلة. والآخر أنه لم ير مني ما يقبض صفحته.
ويقال: صفحت الورقة أي: تجاوزتها إلى غيرها، ومنه تصفحت الكتاب، وقد يتصفح الكتاب من لا يحسن أن يقرأه.
الاعراب: (من): في قوله (من أهل الكتاب) يتعلق بمحذوف تقديره فريق كائنون من أهل الكتاب، فيكون صفة لكثير من بعد في محل النصب على الظرف، والعامل فيه يرد (1). و (كفارا): مفعول ثان ليرد (1)، ومفعوله الأول كم من (يردونكم)، وفي انتصاب قوله (حسدا) وجهان أحدهما: إن الجملة التي قبله تدل على الفعل الذي هو مصدره، وتقديره حسدوكم حسدا، كما يقال: فلان يتمنى لك الشر حسدا، فكأنه قال: يحسدك حسدا. والآخر:
أن يكون مفعولا له، فكأنه قال: يردونكم كفارا لأجل الحسد، كما تقول جئته خوفا منه. وقوله (من عند أنفسهم): يتعلق بقوله (ود كثير) لا بقوله (حسدا) لأن حسد الانسان لا يكون من غير نفسه.
قال الزجاج، وقال غيره: يجوز أن يتعلق بقوله (حسدا) على التوكيد، كقوله، عز وجل: (ولا طائر يطير بجناحيه). ويحتمل وجها آخر، وهو أن يكون اليهود قد أضافوا الكفر والمعاصي إلى الله تعالى، فقال سبحانه تكذيبا لهم: إن ذلك (من عند أنفسهم).
وقوله (ما تبين): ما حرف موصول، و (تبين لهم الحق): صلته، والموصول والصلة في محل الجر بإضافة (بعد) إليه (حتى يأتي الله) يأتي:
منصوب بإضمار أن، وهما في محل الجر بحتى، والجار والمجرور مفعول (فاعفوا واصفحوا).