ومهمه أطرافه في مهمه * أعمى الهدى بالحائرين العمة الاعراب: (يعمهون) جملة في موضع الحال.
المعنى: قيل في معنى الآية وتأويلها وجوه أحدها: أن يكون معنى (الله يستهزئ بهم) يجازيهم على استهزائهم. والعرب تسمي الجزاء على الفعل باسمه. وفي التنزيل (وجزاء سيئة سيئة مثلها)، (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به). وقال عمرو بن كلثوم:
ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلينا وإنما جاز ذلك لأن حكم الجزاء أن يكون على المساواة وثانيها: أن يكون معنى استهزاء الله تعالى بهم: تخطئته إياهم، وتجهيله لهم في إقامتهم على الكفر، وإصرارهم على الضلال. والعرب تقيم الشئ مقام ما يقاربه في معناه. قال الشاعر (1):
إن دهرا يلف شملي بجمل * لزمان يهم بالإحسان وقال آخر:
كم أناس في نعيم عمروا * في ذرى ملك تعالى فبسق سكت الدهر زمانا عنهم، * ثم أبكاهم دما حين نطق والدهر لا يوصف بالسكوت والنطق والهم، وإنما ذكر ذلك على الاستعارة والتشبيه. وثالثها: أن يكون معنى الاستهزاء المضاف إليه تعالى، أن يستدرجهم ويهلكهم من حيث لا يعلمون. وقد روي عن ابن عباس أنه قال في معنى الاستدراج: إنهم كلما أحدثوا خطيئة، جدد الله لهم نعمة. وإنما سمي هذا الفعل استهزاء لأن ذلك في الظاهر نعمة، والمراد به استدراجهم إلى الهلاك والعقاب الذي استحقوه بما تقدم من كفرهم ورابعها: إن معنى استهزائه بهم: إنه جعل لهم بما أظهروه من موافقة أهل الإيمان ظاهر أحكامهم من الموارثة والمناكحة والمدافنة وغير ذلك من الأحكام، وإن كان قد أعد لهم في الآخرة أليم العقاب بما أبطنوه من النفاق، فهو سبحانه كالمستهزئ بهم من حيث جعل لهم أحكام المؤمنين ظاهرا، ثم