أخذه عن كعب الأحبار:
ذكر علماء الحديث في باب " رواية الصحابة عن التابعين، أو رواية الأكابر عن الأصاغر " أن أبا هريرة والعبادلة ومعاوية وأنس وغيرهم، قد رووا عن كعب الأحبار اليهودي الذي أظهر الإسلام خداعا وطوى قلبه على يهوديته - ويبدو أن أبا هريرة كان أكثر الصحابة انخداعا به، وثقة فيه، ورواية عنه وعن إخوانه، كما كان أكثرهم رواية للحديث، ويتبين من الاستقراء أن كعب الأحبار قد سلط قوة دهائه على سذاجة أبي هريرة لكي يستحوذ عليه وينيمه ليلقنه كل ما يريد أن يبثه في الدين الإسلامي من خرافات وأوهام، وكان له في ذلك أساليب غريبة، وطرق عجيبة.
فقد روى الذهبي في طبقات الحفاظ - في ترجمة أبي هريرة - أن كعبا قال فيه - أي في أبي هريرة - ما رأيت أحدا لم يقرأ التوراة أعلم بما فيها من أبي هريرة!!
فانظر مبلغ دهاء هذا الكاهن ومكره بأبي هريرة الذي يتجلى في درس تاريخه أنه كان رجلا فيه غفلة وغرة! إذ من أين يعلم أبو هريرة ما في التوراة وهو لم يعرفها، ولو عرفها لما استطاع أن يقرأها (1) لأنها كانت باللغة العبرية وهو لا يستطيع أن يقرأ حتى لغته العربية، إذ كان أميا لا يقرأ ولا يكتب.
ومما يدلك على أن هذا الحبر الداهية قد طوى أبا هريرة تحت جناحه حتى جعله يردد كلام هذا الكاهن بالنص ويجعله حديثا مرفوعا إلى النبي ما نورد لك شيئا منه:
روى البزار عن أبي هريرة أن النبي قال: إن الشمس والقمر ثوران في النار يوم القيامة!
فقال الحسن: وما ذنبهما؟ فقال: أحدثك عن رسول الله وتقول ما ذنبهما؟