الصحابة عدولا في الرواية - كما يقول جمهور المحدثين، فالتابعون ليسوا كذلك، وقد ثبت أنه كان يسمع من كعب الأحبار، وأكثر أحاديثه عنعنة، على أنه صرح بالسماع (1) في حديث " خلق الله التربة يوم السبت " وقد جزموا بأن هذا الحديث أخذه من كعب الأحبار (2).
وقال: إنه يكثر في أحاديثه الرواية بالمعنى والإرسال (3) لأن الكثير منه قد سمعه من الصحابة وكذا بعض التابعين - ورواية الحديث بالمعنى كانت مثارا لمشكلات كثيرة.
وقال: إنه انفرد بأحاديث كثيرة كان بعضها موضع الإنكار أو مظنته لغرابة موضوعها كأحاديث الفتن وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم ببعض المغيبات التي تقع بعده، ويزاد على ذلك أن بعض تلك المتون غريب في نفسه، ولو انفرد بمثله غير صحابي لعد من العلل التي يتثبت بها في روايته - كما هو المعهود عند نقاد الحديث، أهل الجرح والتعديل (4) ولذلك نرى الناس ما زالوا يتكلمون في بعض روايات أبي هريرة (5).
وقد أخرج البخاري لأبي هريرة 446 حديثا في صحيحه وأخرج لابن عباس 217 حديثا. وهذا القدر من روايتهما للأصول الموصولة من الأحاديث لم ينفردا به، وإنما شاركهما في رواية الكثير منه غيرهما، ولو أحصينا ما انفرد بروايته أبو هريرة وحده من أحاديث الأحكام الشرعية لرأيناه قليلا جدا، وعلمنا أنه لو لم يروه