حدق الأحنف رحمه الله تعالى قدم على عمر في وفد أهل البصرة وقضى حوائجهم، فقال: يا أمير المؤمنين إن أهل هذه الأمصار نزلوا مثل حدقة البعير من العيون العذاب، تأتيهم فواكههم لم تخضد وروى: لم تخضد. وروى: إن إخواننا من أهل الكوفة نزلوا في مثل حولاء الناقة من ثمار متهدلة. وأنهار متفجرة، وإنا نزلنا بسبخة نشاشة، طرف لها بالفلاة، وطرف بالبحر الأجاج، يأتينا ما يأتينا في مثل مرئ النعامة، فإن لم ترفع خسيستنا بعطاء تفضلنا به على سائر الأمصار نهلك، فحبسه عنده سنة. قال: خشيت أن تكون مفوها ليس لك جول.
شبه بلادهم في خصبها وكثرة مائها بحدقة البعير وحولاء الناقة لأن الحدقة توصف بكثرة الماء. وقيل: أراد أن خصبها دائم لا ينقطع، لأن المخ ليس يبقى في شئ بقاءه في العين.
والحولاء: جلدة رقيقة تخرج مع الحوار كأنها مرآة مملوءة ماء أصفر، يسمى السخد. قال الكميت:
وكالحولاء مراعي المسيم عنك والرئة المنهل خضد الشئ: ثناه وتخضد تثنى، يعنى أن فواكههم قريبة منهم فهي تأتيهم غضة لم تتثن ولم تتكسر ذبولا.
التهدل: الاسترخاء والتدلي.
النشاشة: من النشيش، والغليان.
مرئ النعامة: مجرى طعامها، وهو ضيق يعنى نزارة قوتهم.
الخسيسة: صفة للحال.
المفوه: البليغ المنطيق، كأنه المنسوب إلى ألفوه وهو سعة الفم.
الجول: العقل والتماسك، وأصله جانب البئر، ومثله قولهم: ماله زبر من زبرت البئر.
حدا مجاهد رحمه الله تعالى كنت أتحدى القراء فأقرأ.
أي تعمدهم، والتحدي والتحري بمعنى.