فذكرت ذلك عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا يمنعك ذلك منها أي لا ترجعين لهذا المعنى عما كنت نويت في عتاقها من الثواب اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق فكان ذكر ذلك الشراء ههنا ابتداء من النبي صلى الله عليه وسلم ليس مما كان قبل ذلك بين عائشة رضي الله عنها وبين أهل بريرة في شئ ثم كان قام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فقال ما بال أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله عز وجل كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط إنكارا منه على عائشة رضي الله عنها في طلبها ولاء من تولى غيرها كتابتها بحق ملكه عليها ثم نبهها وعلمها بقوله فإنما الولاء لمن أعتق أي إن المكاتب إذا أعتق بأداء الكتابة فمكاتبه هو الذي أعتقه فولاؤه له فهذا حديث فيه ضد ما في غيره من الأحاديث الأول وليس فيه دليل على اشتراط الولاء في البيع كيف حكمه هل يجب به فساد البيع أم لا فإن قال قائل فإن هشام بن عروة قد رواه عن أبيه فزاد فيه شيئا قلنا له صدقت حدثنا إسماعيل بن يحيى قال ثنا محمد بن إدريس عن مالك بن أنس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت جاءتني بريرة فقالت إني كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقية فأعينيني فقالت لها عائشة إن أحب أهلك أن أعدها لهم عددتها لهم ويكون ولاؤك لي فعلت فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم ذلك فأبوا عليها فجاءت من عند أهلها ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت إني قد عرضت ذلك عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم فسمع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها فأخبرته عائشة فقال خذيها واشترطي فإنما الولاء لمن أعتق ففعلت عائشة ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فذكر مثل ما في حديث الزهري حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني مالك فذكر بإسناده ففي هذا الحديث مثل ما في حديث الزهري أن الذي كان فيه الاشتراط من أهل بريرة أن يكون الولاء لهم وإباء عائشة رضي الله عنها إلا أن يكون الولاء لها هو أداء عائشة رضي الله عنها عن بريرة الكتابة فقد اتفق الزهري وهشام على هذا وخالفا في ذلك أصحاب الأحاديث الأول وزاد هشام على الزهري قول رسول الله صلى الله عليه وسلم خذيها واشترطي فإنما الولاء لمن أعتق هكذا في حديث هشام
(٤٥)