فلو قيل: إن ذلك في المتابعات والشواهد لا في الأصول.
فالجواب أولا، أنه مشترك الجدوى في عامة الفصول، بأن الطحاوي أيضا، يأتي بأمثالها في الشواهد، جبرا للكسر، أو تتميما للقصر.
وثانيا: أن كثيرا منهم توجد أحاديثهم في الأصول، فأتي المفر، وأين المقر، وأين المقر، كفليح بن سليمان وأمثاله.
والثاني: أن الحافظ أبا جعفر، في معرفة المتون والأسانيد من أئمة النقد، وفى البحث عن خصائص الرجال، ودسائسهم، وخسائس الرواة ونفائسهم، من أرباب الحل والعقد.
ألا ترى الحافظ ابن حجر، يذكر قوله في التنقيد، ويعتبره من نقاد الأئمة في الجرح والتسديد، ونظار كلامه من شرح الآثار، ولو على وجه العبور على يقين بمشاهدتهم وعيانهم، أنه ليس له تأس، وتقلد لأقوالهم في الرجال.
وله فيه أريكة عالية بالاستقلال، بل والنص أنه يجعلهم في سمت وجانب، ونفسه مع حزبه في جانب، عمدة الثقات، قدوة الاثبات، متوج تاج التابعية المنيفة نعان بن ثابت الكوفي، أبو حنيفة.
ومن وقع فيه بجرحه، جهلا وحسدا، عد من الجرحى، ومن طعن فيه ببدعته، فهو بهذه الجهة من الطائفة التالفة الهلكى.
والحمد لله، فقد شهدت بفضله الأعداء، واعترف بتسفيه أوليائهم، أكاملهم الاجلاء.
ألا ترى صاحب دراسات اللبيب، من رؤسهم النبل، وبطارقتهم الكمل، مع أنه أسلم على يدي البخاري، في معرفة الطيب من الخبيث، وآمن بفضله الجم، وجعله قبلة نفسه، وشيعته في الحديث.
كيف تعقبه في جرحه ووقيعته في أبي حنيفة، بأنه كان مرجئيا، سكتوا عن رأيه وحديثه إلى أن قال بعد بيان الفرق، بين المعنيين للإرجاء، كيف يتيقظ لذلك أهل الحديث، من أهل الظواهر الذين ذاقوا طعم الظاهر في الأحاديث، وحرموا دقيق القياس، ولم يمارسوا الفنون العقلية.
قال: ولكن العدل في تحقيق المعاني العقلية، هو طرح الظواهر، لا سيما إذا كانت مما تدخل بها الوقيعة على عرض مسلم.
إلى أن قال: وإني لأتحير أن أعزوا هذا القول مع بطلانه وخلافه، للكتاب، والسنة والاجماع، بل ومع ضرورته بطلانه من ضروريات الدين، وحمق قائله، كحمق السوفسطائية إلى مثل أبي حنيفة رحمه الله، جبل من جبال الله الشوامخ، في غزارة علوم النقل والعقل، من مثل الامام البخاري.
لكن الاقدار قد سبقت، ليس لها من النفاذ من راد، فرضينا بقضاء الله وقدره، والحق أحق أن يتبع اه