وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل بائع العبد وسائر الغرماء فيه سواء لان مالكه قد زال عن العبد وخرج من ضمانه فإنما هو في مطالبة غريم من غرماء المطلوب يطالبه بدين في ذمته لا وثيقة في يديه فهو وهم في جميع ما لهم سواء وكان من حجتهم على أهل المقالة الأولى في فساد ما ذهبوا إليه واحتجوا لقولهم من حديث أبي هريرة الذي ذكرنا أن الذي في ذلك الحديث فأصاب رجل ماله بعينه وإنما ماله بعينه يقع على المغصوب والعواري والودائع وما أشبه ذلك فذلك ماله بعينه فهو أحق به من سائر الغرماء وفي ذلك جاء هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يكون هذا الحديث حجة لأهل المقالة الأولى لو كان فأصاب رجل غير ماله قد كان له فباعه من الذي وجده في يده ولم يقبض منه ثمنه فهو أحق به من سائر الغرماء وهذا الذي يكون حجة لهم لو كان لفظ الحديث كذلك فأما إذا كان على ما روينا في الحديث فلا حجة لهم في ذلك وهو على الودائع والغصوب والعواري والرهون أموال الطالبين في وقت المطالبة بها وذلك كما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث سمرة فإنه حدثنا محمد بن عمرو قال ثنا أبو معاوية عن حجاج عن سعيد بن عبيد عن زيد بن عقيل عن أبيه عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سرق له متاع أو ضاع له متاع ووجده في يدي رجل بعينه فهو أحق به ويرجع المشتري على البائع بالثمن قال أبو جعفر فقال أهل المقالة الأولى لو كان الحديث على ما ذكرتم من التأويل الذي وصفتم إذا لما كان بنا إلى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك حاجة لان هذا يعلمه العامة فضلا عن الخاصة فالكلام بذلك فضل وليس من صفته صلى الله عليه وسلم الكلام بالفضل ولا الكلام بما لا فائدة منه فكان من الحجة للآخرين عليهم في ذلك أن ذلك ليس بفضل بل هو كلام صحيح وفيه فائدة وذلك أنه أعلمهم أن الرجل إذا أفلس وجب أن يقسم جميع ما في يده بين غرمائه فثبت ملك رجل لبعض ما في يده أنه أولى بذلك وأن الذي كان في يده قد ملكه وغر فيه فلا يجب له فيه حكم إذ كان مغرورا فعلمهم بهذا الحديث علمهم بحديث سمرة ونفى أن يكون المغرور الذي يشكل حكمه عند العامة يستحق بذلك الغرور شيئا فهذا وجه لهذا الحديث صحيح وقال أهل المقالة الأولى ويروى هذا الحديث من غير هذا الوجه بألفاظ غير ألفاظ الحديث الأول فذكروا ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلعة يبتاعها الرجل فيفلس وهي عنده بعينها لم يقض صاحبها من ثمنها شيئا فهو أسوة الغرماء
(١٦٥)