عائشة ليس فيه دليل على ما توهموا من واجب الحكم بقول القافة لان أسامة قد كان نسبه ثبت من زيد قبل ذلك ولم يحتج النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك إلى قول أحد ولولا ذلك لما كان دعي أسامة فيما تقدم إلى زيد إنما تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من إصابة مجزز كما يتعجب من ظن الرجل الذي يصيب بظنه حقيقة الشئ الذي ظنه ولا يجب الحكم بذلك فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم الانكار عليه لأنه لم يتعاط بقوله ذلك إثبات ما لم يكن ثابتا فيما تقدم فهذا ما يحتمله هذا الحديث وقد روى في أمر القافة عن عائشة رضي الله عنها ما يدل على غير هذا حدثنا ابن داود قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن النكاح كان في الجاهلية على أربعة أنحاء فمنه أن يجتمع الرجال العدد على المرأة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا وكن ينصبن على أبوابهن رايات فيطؤها كل من دخل عليها فإذا حملت ووضعت حملها جمع لهم القافة فأيهم ألحقوه به كان أباه ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك فلما بعث الله عز وجل محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق هدم ذلك النكاح الذي كان يكون فيه ذلك الحكم وأقر الناس على النكاح الذي لا يحتاج فيه إلى قول القافة وجعل الولد لأبيه الذي يدعيه فيثبت نسبه بذلك ونسخ الحكم المتقدم الذي كان يحكم فيه بقول القافة وقد كان أولاد البغايا الذين ولدوا في الجاهلية من أدعى أحدا منهم في الاسلام لحق به حدثنا يونس قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن يحيى بن سعيد وحدثنا يونس قال أنا أنس عن يحيى بن سعيد قال مالك في حديثه عن سليمان بن يسار وقال أنس أخبرني سليمان بن يسار أن عمر كان ينيط أهل الجاهلية بهن من أدعى بهم في الاسلام فدل ذلك أنهم لم يكونوا يلحقون بهم بقول القافة فيكون قولهم كالبينة التي تشهد على ذلك فلو كان قولهم مستعملا في الاسلام كما كان مستعملا في الجاهلية إذا لما قالت عائشة إن ذلك مما هدم إذا كان قد يجب به علم أن الصبي ممن وطئ أمة من الرجال ففي نسخ ذلك دليل أن قولهم لم يجب به حكم بثبوت النسب واحتج أهل المقالة الأولى بقولهم أيضا بما حدثنا يونس أخبرني يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار أن رجلين أتيا عمر كلاهما يدعي ولد امرأة فدعا لهما رجلا من بني كعب قائفا فنظر إليهما فقال لعمر لقد اشتركا فيه فضربه عمر بالدرة ثم دعا المرأة فقال أخبريني خبرك قالت كان هذا لأحد الرجلين يأتيها وهي في إبل أهلها فلا يفارقها حتى تظن أن قد
(١٦١)