ففي هذا أنه قد جعل له أن يصليها إلى نصف الليل وقد جعل ذلك نصفا وقد روى عنه أيضا في ذلك ما حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت ح وحدثنا حسين بن نصر قال ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن نافع بن جبير قال كتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى وصل العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها ففي هذا أنه جعل الليل كله وقتا لها على أنه لا يغفلها فوجه ذلك عندنا على أن تركه إياها إلى نصف الليل إغفال لها وتركه إياها إلى أن يمضي ثلث الليل ليس بإغفال لها بل هو مؤاخذ بالفضل الذي يطلب في تقديمها في وقتها وما بين هذين الوقتين نصفا بين الامرين أي أنه دون الوقت الأول وفوق الوقت الثاني فقد وافق هذا أيضا ما صرفنا إليه معنى ما قدمنا ذكره مما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه في ذلك من قوله ما حدثنا يونس قال ثنا عبد الله بن يوسف قال ثنا الليث ح وحدثنا ربيع المؤذن قال ثنا شعيب بن الليث قال ثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عبيد بن جريج أنه قال لأبي هريرة رضي الله عنه ما افراط صلاة العشاء قال طلوع الفجر فهذا أبو هريرة رضي الله عنه قد جعل إفراطها الذي به تفوت طلوع الفجر وقد روينا عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العشاء في اليوم الثاني حين سئل عن مواقيت الصلاة بعد ما مضي ساعة من الليل وفي حديثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وقت العشاء إلى نصف الليل فثبت بذلك أن وقتها إلى طلوع الفجر ولكن بعضه أفضل من بعض وجميع ما بينا من هذه الأقاويل في هذا الباب قول أبي حنيفة رحمه الله وأبي يوسف رحمه الله ومحمد رحمه الله إلا ما بينا مما اختلفوا فيه من وقت الظهر فإن أبا حنيفة رحمه الله قال هو إلى أن يصير الظل مثليه هكذا روى عنه أبو يوسف رحمه الله فيما حدثنا أحمد بن عبد الله بن محمد بن خالد الكندي عن علي بن معبد عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف رحمه الله عن أبي حنيفة رحمه الله وقد حدثني بن أبي عمران عن ابن الثلجي عن الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال في ذلك آخر وقتها إذا صار الظل مثله وهو قول أبي يوسف رحمه الله ومحمد وبه نأخذ
(١٥٩)