فنظرنا في ذلك فرأينا الفجر يكون قبلة حمرة ثم يتلوها بياض الفجر فكانت الحمرة والبياض في ذلك وقتا لصلاة واحدة وهو الفجر فإذا خرجا خرج وقتها فالنظر على ذلك أن يكون البياض والحمرة في المغرب أيضا وقتا لصلاة واحدة وحكمها حكم واحد إذا خرجا خرج وقتا الصلاة اللذان هما وقت لها وأما العشاء الآخرة فإن تلك الآثار كلها فيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها في أول يوم بعد ما غاب الشفق إلا جابر بن عبد الله فإنه ذكر أنه صلاها قبل أن يغيب الشفق فيحتمل ذلك عندنا والله أعلم أن يكون جابر عني الشفق الذي هو البياض وعنى الآخرون الشفق الذي هو الحمرة فيكون قد صلاها بعد غيبوبة الحمرة وقبل غيبوبة البياض حتى تصح هذه الآثار ولا تتضاد وفي ثبوت ما ذكرنا ما يدل على ما قال بعضهم إن بعد غيبوبة الحمرة وقت المغرب إلى أن يغيب البياض وأما آخر وقت العشاء الآخرة فإن بن عباس رضي الله عنهما وأبا سعيد الخدري وأبا موسى ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرها إلى ثلث الليل ثم صلاها وقال جابر بن عبد الله صلاها في وقت قال بعضهم هو ثلث الليل وقال بعضهم هو نصف الليل فاحتمل أن يكون صلاها قبل مضي الثلث فيكون مضى الثلث هو آخر وقتها واحتمل أن يكون صلاها بعد الثلث فيكون قد بقيت بقية من وقتها بعد خروج الثلث فلما احتمل ذلك نظرنا فيما روي في ذلك فإذا ربيع المؤذن قد حدثنا قال ثنا أسد بن موسى قال ثنا محمد بن الفضيل عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت العشاء حين يغيب الأفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل وإن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا الخصيب قال ثنا همام عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقت العشاء إلى نصف الليل حدثنا ابن مرزوق قال ثنا أبو عامر العقدي قال ثنا شعبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو قال شعبة حدثنيه ثلاث مرات فرفعه مرة ولم يرفعه مرتين فذكر مثله فثبت بهذه الآثار أن ما بعد ثلث الليل أيضا هو وقت من وقت العشاء الآخرة وقد روى في ذلك أيضا ما يدل على ذلك حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا الحسن بن عمر بن شقيق قال ثنا جرير عن منصور عن الحكم عن
(١٥٦)