حدثنا ابن خزيمة قال ثنا مسلم بن إبراهيم قال ثنا أبان بن يزيد عن يحيى بن أبي كثير عن حفص بن عبيد الله عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين المغرب والعشاء في السفر قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن الظهر والعصر وقتهما واحد قالوا ولذلك جمع النبي صلى الله عليه وسلم بينهما في وقت إحداهما وكذلك المغرب والعشاء في قولهم وقتهما وقت لا يفوت إحداهما حتى يخرج وقت الأخرى منهما وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا بل كل واحدة من هذه الصلوات وقتها منفرد من وقت غيرها وقالوا أما ما رويتموه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمعه بين الصلاتين فقد روى عنه كما ذكرتم وليس في ذلك دليل أنه جمع بينهما في وقت إحداهما فقد يحتمل أن يكون جمعه بينهما كان كما ذكرتم ويحتمل أن يكون صلى كل واحدة منهما في وقتها كما ظن جابر بن زيد وهو روى ذلك عن ابن عباس وعمرو بن دينار من بعده فقال أهل المقالة الأولى قد وجدنا في بعض الآثار ما يدل على أن صفة الجمع الذي فعله صلى الله عليه وسلم كما قلنا فذكروا في ذلك ما حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عازم بن الفضل قال ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن بن عمر رضي الله عنهما استصرخ على صفية بنت أبي عبيد وهو بمكة فأقبل إلى المدينة فسار حتى غربت الشمس وبدت النجوم وكان رجل يصحبه يقول الصلاة الصلاة قال وقال له سالم الصلاة فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير في سفر جمع بين هاتين الصلاتين وأني أريد أن أجمع بينهما فسار حتى غاب الشفق ثم نزل فجمع بينهما حدثنا ابن أبي داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد ما يغيب الشفق ويقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بينهما قالوا ففي هذا دليل على صفة جمعه كيف كان فكان من الحجة عليهم لمخالفهم أن حديث أيوب الذي قال فيه فسار حتى غاب الشفق ثم نزل كل أصحاب نافع لم يذكروا ذلك لا عبيد الله ولا مالك ولا الليث ولا من روينا عنه حديث بن عمر رضي الله عنهما في هذا الباب وإنما أخبر بذلك من فعل بن عمر رضي الله عنهما وذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم الجمع ولم يذكر كيف جمع فأما حديث عبيد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بينهما ثم ذكر جمع بن عمر رضي الله عنهما كيف كان وأنه بعد ما غاب الشفق فقد يجوز أن يكون أراد أن صلاته العشاء الآخرة التي بها كان جامعا بين الصلاتين بعد ما غاب الشفق وإن كان قد صلى المغرب قبل غيبوبة الشفق لأنه لم يكن قط جامعا بينهما حتى صلى العشاء الآخرة فصار بذلك جامعا بين المغرب والعشاء
(١٦٢)