وقد دل على ما ذكرنا من هذا ما قد روي عن أبي هريرة من قوله بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قد حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال ثنا أبو نعيم قال ثنا عبد السلام بن حرب عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة في الاناء يلغ فيه الكلب أو الهر قال يغسل ثلاث مرار فلما كان أبو هريرة قد رأى أن الثلاثة يطهر الاناء من ولوغ الكلب فيه وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكرنا ثبت بذلك نسخ السبع لأنا نحسن الظن به فلا نتوهم عليه أنه يترك ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم إلا إلى مثله وإلا سقطت عدالته فلم يقبل قوله ولا روايته ولو وجب أن يعمل بما روينا في السبع ولا يجعل منسوخا لكان ما روى عبد الله بن المغفل في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم أولى مما روى أبو هريرة لأنه زاد عليه حدثنا أبو بكرة قال ثنا سعيد بن عامر ووهب بن جرير قالا ثنا شعبة عن أبي التياح عن مطرف بن عبد الله عن عبد الله بن المغفل ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب ثم قال مالي والكلاب ثم قال إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات وعفروا الثامنة بالتراب حدثنا ابن مرزوق قال ثنا وهب عن شعبة فذكر مثله فهذا عبد الله بن المغفل قد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يغسل سبعا ويعفر الثامنة بالتراب وزاد على أبي هريرة والزائد أولى من الناقص فكان ينبغي لهذا المخالف لنا أن يقول لا يطهر الاناء حتى يغسل ثماني مرات السابعة بالتراب والثامنة كذلك ليأخذ بالحديثين جميعا فإن ترك حديث عبد الله بن المغفل فقد لزمه ما ألزمه خصمه في تركه السبع التي قد ذكرنا وإلا فقد بينا أن أغلظ النجاسات يطهر منها غسل الإناء ثلاث مرات فما دونها أحرى أن يطهره ذلك أيضا ولقد قال الحسن في ذلك بما روى عبد الله بن المغفل حدثنا أبو بكرة قال ثنا أبو داود ثنا أبو حياة عن الحسن قال إذا ولغ الكلب في الاناء غسل سبع مرات والثامنة بالتراب وأما النظر في ذلك فقد كفانا الكلام فيه ما بينا من حكم اللحمان في باب سؤر الهر وقد ذهب قوم في الكلب يلغ في الاناء أن الماء طاهر ويغسل الاناء سبعا وقالوا إنما ذلك تعبد تعبدنا به في الآنية خاصة فكان من الحجة عليهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الحياض التي تردها السباع فقال إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثا
(٢٣)