فقد ثبت بما ذكرنا أن القيام للجنازة قد كان ثم نسخ فقال قوم إنما نسخ ذلك لخلاف أهل الكتاب واحتجوا في ذلك بما حدثنا أبو بكرة قال ثنا صفوان بن عيسى قال ثنا بشر بن رافع عن عبد الله بن سليمان عن أبيه عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت ذكر النبي صلى ا لله عليه وسلم قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تبع جنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد قال فعرض للنبي صلى الله عليه وسلم حبر من أحبار اليهود فقال يا محمد هكذا نفعل قال فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وقال خالفوهم وليس هذا الحديث عندنا يدل على ما ذهبوا إليه لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روى عنه ما حدثنا يونس قال أنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسدل شعره وكان المشركون يفرقون رؤوسهم وكان أهل الكتاب يسدلون رؤوسهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشئ ثم فرق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه حدثنا محمد بن عزير الأيلي قال ثنا سلامة عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عبيد الله فذكر بإسناده مثله فأخبر بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتبع أهل الكتاب حتى يؤمر بخلاف ذلك فاستحال ان يكون ما أمر به من القعود في حديث عبادة وبخلاف أهل الكتاب قبل ان يؤمر بخلافهم في ذلك لان حكمه صلى الله عليه وسلم أن يكون على شريعة النبي الذي كان قبله حتى يحدث له شريعة تنسخ ما تقدمها قال الله عز وجل أولئك اللذين هدى الله فبهداهم اقتده ولكنه ترك ذلك عندنا والله أعلم حين أحدث الله له شريعة في ذلك وهو القعود بنسخ ما قبلها وهو القيام وقد روى هذا المذهب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن سخبرة قال كنا قعودا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ننتظر جنازة فمر بجنازة أخرى فقمنا فقال ما هذا القيام فقلت ما تأتون به يا أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو موسى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم جنازة مسلم أو يهودي أو نصراني فقوموا فإنكم لستم لها تقومون إنما تقومون لمن معها من الملائكة فقال علي رضي الله عنه إنما صنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة واحدة كان يتشبه بأهل الكتاب في الشئ فإذا نهي عنه تركه
(٤٨٩)